بصورة جماعية إلّا قوم يونس.
إلّا أنّ البعض الآخر معتقد بأنّ كلمة «لو لا» لم تأت بمعنى النفي ، بل أتت دائما بمعنى التحضيض ـ ويقال للسؤال المقترن بالتوبيخ والتحريك تحضيض ـ إلّا أن لازم مفهومها في مثل هذه الموارد يكون نفيا ، ولهذا يمكن أن يستثنى منها بـ «إلّا».
وعلى كل حال ، فلا شك في أنّ جماعات كثيرة من الأقوام السالفة آمنوا أيضا ، إلّا أنّ الذي يميز قوم يونس هو أنّهم آمنوا بأجمعهم دفعة واحدة ، وكان ذلك قبل حلول العقاب الإلهي الحتمي ، في حين أنّ جماعة كبيرة من بين الأقوام الأخرى بقوا على مخالفتهم وعنادهم حتى صدر القرار الإلهي بالعذاب الحتمي ، فلمّا رأى هؤلاء العذاب الأليم أظهر أغلبهم الإيمان ، إلّا أنّ إيمانهم ـ وللسبب الذي قلناه سابقا ـ لم يكن له أثر ولا نفع.
قصّة إيمان قوم يونس :
كانت قصّة هؤلاء على ما جاء في التواريخ ، أنّه عند ما يئس يونس من إيمان قومه القاطنين أرض نينوى في العراق ، دعا على قومه باقتراح من عابد كان يعيش بينهم ، في حين أنّ عالما كان معهم أيضا اقترح على يونس أن يدعو لهؤلاء لا عليهم ، وأن يستمر في إرشاده أكثر من قبل ولا ييأس.
يونس اعتزل قومه بعد الدعاء عليهم ، فاجتمع قومه الذين كانوا قد جربوا صدق أقواله حول ذلك الرجل العالم ، ولم يكن أمر العذاب القطعي قد صدر بعد ، إلّا أنّ علاماته قد شرعت في الظهور ، فاغتنم هؤلاء الفرصة وعملوا بنصيحة العالم وخرجوا معه خارج المدينة. للتضرع والدعاء ، وأظهروا الإيمان والتوبة ، ومن أجل أن يزداد توجههم الروحي فرقوا بين الأمهات والأولاد ، ولبسوا اللباس الخشن البالي وهبوّا للبحث عن نبيّهم فلم يعثروا له على أثر.
إلّا أنّ هذه التوبة والإيمان والرجوع إلى الله ، الذي تمّ في الوقت المناسب وعن