وعلى كل حال. فإنّ آيات هذه السورة ـ كسائر السور المكية ـ تتناول أصول «المعارف الإسلامية» ولا سيّما المواجهة مع الشرك وعبادة الأصنام ، ومسألة المعاد والعالم بعد الموت ، وصدق دعوة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما يبدو فيها تهديدا ضمنيا للأعداء ، وأمرا بالاستقامة للمؤمنين.
في هذه السورة ـ إضافة إلى قصّة نوح النّبي وجهاده العنيف التي ذكرت بتفصيل ـ إشارة إلى قصص الأنبياء هود وصالح وإبراهيم ولوط وموسى ومواقفهم الشجاعة بوجه الشرك والكفر والانحراف والظلم ..
شيبتني سورة هود!
إنّ آيات هذه السورة تقرر أن على المسلمين أن لا يتركوا السوح والميادين ـ في الحرب والسلم ـ لكثرة الأعداء ومواجهاتهم الحادة .. بل عليهم أن يواصلوا مسيرتهم ويستقيموا أكثر فأكثر ويوما بعد يوم ..
وعلى هذا فإنّنا نقرا في حديث معروف عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «شيبتني سورة هود» (١)
وفي حديث آخر أنّه حين لاحظ أصحاب النّبي آثار الشيب قبل أوانه على محيّاه صلىاللهعليهوآلهوسلم قالوا : يا رسول الله ، تعجّل الشيب عليك. فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم «شيبتني سورة هود والواقعة» (٢).
وفي روايات أخرى أضيف أيضا سورة المرسلات وسورة النبأ (عَمَّ يَتَساءَلُونَ) وسورة التكوير وغيرها إلى هاتين السورتين.
ونقل عن ابن عباس في تفسير الحديث الشريف ـ آنف الذكر ـ أنّه ما نزل على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم آية كان أشدّ عليه ولا أشق من آية (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ
__________________
(١) نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٣٣٤.
(٢) مجمع البيان ، ذيل الآية (١١٨) من تفسير سورة هود.