مَعَكَ).
كما نقل عن بعض المفسّرين أنّ أحد العلماء رأى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في المنام فسأله عن سبب ما نقل عنه من قوله : «شيبتني سورة هود» أهو ما سلف من الأمم السابقة وهلاكها؟ فبيّن له صلىاللهعليهوآلهوسلم أن سببه آية (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) (١)
وعلى كل حال فإنّ هذه السورة ـ بالإضافة إلى هذه الآية ـ فيها آيات مؤثّرة أخرى تتعلق بيوم القيامة والمحاسبة في محكمة العدل الإلهي ، وآيات تتعلق بما ناله الأقوام السابقون من جزاء ، وما جاء مع بعضها من أوامر في الوقوف بوجه الفساد بحيث يحمل جميعها طابع المسؤولية ... فلا عجب إذا أن يشيب الإنسان عند ما يفكر في مثل هذه المسؤوليات ... مسألة دقيقة أخرى ينبغي الالتفات إليها في هذا المجال ، وهي أنّ كثيرا من هذه الآيات توكّد ما ورد في السورة السابقة ـ أي سورة يونس ـ وأوائلها بوجه خاص يشبه أوائل تلك السورة ومضامينها توكّد تلك المضامين.
التّأثير المعنوي لهذه السّورة :
أمّا بالنسبة لفضيلة هذه السورة ، فقد ورد في حديث شريف عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «من قرأ هذه السورة أعطي من الأجر والثواب بعدد من صدّق هودا والأنبياء عليهمالسلام ومن كذب بهم وكان يوم القيامة في درجة الشهداء وحوسب حسابا يسيرا»(٢).
ومن الوضوح بمكان أنّ مجرّد التلاوة لا يعطي هذا الأثر ، وإنّما يكون هذا الأثر إذا كانت تلاوة هذه السورة مقرونة بالتفكر والعمل بعدها. وهذا هو الذي يقرّب الإنسان إلى المؤمنين السالفين ويبعده عن الذين أنكروا على الأنبياء وجحدوا دعواتهم ، وعلى هذا الأساس يثاب بعددهم ويعطي أجر كل واحد منهم ،
__________________
(١) روح المعاني ، ج ٢ ، ص ٢٠٦.
(٢) تفسير البرهان ، ج ٢ ، ص ٢٠٦.