وسألت ربّي أن يجعلك وصيي ففعل»
فقال رجلان من قريش ـ من المخالفين ـ : والله لصاع تمر في شن بال أحب إلينا ممّا سئل محمّد ربّه ، فهلا سئل ربّه ملكا يعضده على عدوه ، أو كنزا يستغني به عن فاقته؟ ... فنزلت الآيات السابقة لتكون جوابا لأولئك .. (١)
التّفسير
القرآن المعجزة الخالدة :
يبدو من هذه الآيات أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يوكل إبلاغ الآيات ـ نظرا للجاجة الأعداء ومخالفتهم ـ لآخر فرصة ، لذا فإنّ الله سبحانه ينهي نبيّه في أوّل آية نبحثها عن ذلك بقوله : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) لئلا يطلبوا منك معاجز مقترحة كنزول كنز من السماء ، أو مجيء الملائكة لتصديقه (أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ).
وكما يستفاد من آيات القرآن الأخرى كما في سورة الإسراء (الآيات ٩٠ ـ ٩٣) ـ إنّ هؤلاء لا يطلبون هذه المعاجز ليصدقوا دعوى النّبي ويتبعوا الحق ، بل هدفهم اللجاجة والعناد والتّحجج الواهي ، فلذلك تأتي الآية معقبة (إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ) سواء قبلوا دعواك أم لم يقبلوا ، وسخروا منك أم لم يسخروا ، فالله هو الحافظ والناظر على كل شيء (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) أي لا تكترث بكفرهم وإيمانهم فإنّ ذلك لا يعنيك ، وإنّما وظيفتك أن تبلغهم ، والله سبحانه هو الذي يعرف كيف يحاسبهم ، وكيف يعاملهم.
وبما أنّ الذين يتذرعون بالحجج ويشكلون على النّبي كانوا أساسا منكرين لوحي الله ، ويقولون : إنّ هذه الآية ليست نازلة من قبل الله ، وإنّ هذا الكلام افتراه محمّد ـ وحاشاه من ذلك ـ على الله كذبا ، لذلك تأتي الآية التالية لتبيّن بصراحة
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٣٤٢ ، نقلا عن روضة الكافي.