كلاما عاديا يترشح من الفكر البشري ، بل هو وحي السماء الذي ينزل بعلم الله اللامحدود وقدرته الواسعة ، وعلى هذا فإنّه يتحدّى جميع البشر أن يواجهوه بمثله ـ مع ملاحظة أنّ المخالفين من معاصري النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن بعدهم إلى يومنا هذا عجزوا عن ذلك ، وفضلوا مواجهة الكثير من المشاكل على معارضة القرآن ، وهكذا يتّضح أن مثل هذا العمل لم يكن من صنع البشر ولا يكون ، فهل المعجزة شيء غير هذا؟!
هذا نداء القرآن ما زال في أسماعنا ، وهذه المعجزة الخالدة تدعو العالمين إليها وتتحدى جميع المحافل البشرية ، لا من حيث الفصاحة والبلاغة وجمال العبارات وجاذبيتها ووضوح المفاهيم فحسب. بل من حيث المحتوى والعلوم التي فيه والتي لم تكن موجودة في ذلك الزمان ، والقوانين التي تتكفل بسعادة البشرية ونجاتها ، والبيان الخالي من التناقض ، والقصص التاريخية الخالية من الخرافات ، وأمثالها. وقد بيّنا ذلك وشرحناه في تفسير الآيتين (٢٣ و ٢٤) من سورة البقرة في إعجاز القرآن.
جميع القرآن أو عشر سور منه أو سورة واحدة!
٦ ـ نحن نعلم أنّ القرآن دعا في بعض آياته المنكرين لنبوة محمّد والمخالفين له إلى الإتيان بمثل القرآن ، كما في سورة الإسراء الآية (٨٨). وفي مكان آخر إلى الإتيان بعشر سور ، كما هو في الآيات التي بين أيدينا ـ محل البحث ـ وفي مكان آخر دعا المخالفين إلى سورة مثل سور القرآن ، كما في سورة البقرة الآية (٢٣).
ولهذا السبب بحث جماعة من المفسّرين هذا «السرّ» في التفاوت في التحدّي والدعوة إلى المواجهة ، فما هو؟! ولم في مكان من القرآن يطلب الإتيان بمثله.
وفي مكان بعشر سور ، وفي مكان يطلب الإتيان بسورة واحدة؟! وقد اتبعوا طرقا مختلفة في الإجابة على هذا السؤال.