بحوث
١ ـ ما المقصود «بالشاهد» في الآية؟!
قال بعض المفسّرين : إن المقصود بالشاهد هو جبرئيل عليهالسلام أمين وحي الله ، ومنهم من فسّره بالنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومنهم من قال : إنّ معناه لسان النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في حالة فهم معنى «يتلو» من التلاوة أي القراءة ، لا بمعنى التلّو الذي معناه مجيء شخص بعد آخر.
ولكن كثيرا من كبار المفسّرين فسروا «شاهد» بالإمام علي عليهالسلام ، ففي روايات كثيرة وصلتنا عن الأئمّة المعصومين ، وفي بعض كتب تفسير أهل السنة ـ أيضا ـ هناك تأكيد على أنّ المقصود من «الشاهد» في الآية هو الإمام علي عليهالسلام أوّل من آمن بالنّبي والقرآن الكريم ، وكان معه في جميع المراحل ولم يقصر لحظة في التضحية دونه وحمايته إلى آخر نفس (١).
وفي حديث منقول عن الإمام علي عليهالسلام أنّه قال : «ما من رجل من قريش إلّا وقد أنزل فيه آية أو آيتان من كتاب الله ، فقال له رجل من القوم : وماذا أنزل فيك يا أمير المؤمنين؟ فقال : أما تقرا الآية التي في هود (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم على بيّنة من ربّه وكنت أنا الشاهد» (٢).
وفي آخر سورة الرعد عبارة تؤيد هذا المعنى ، حيث يقول سبحانه : (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ).
هناك روايات كثيرة عن طرق الشيعة وأهل السنة تبيّن أنّ المراد بقوله : (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) هو الإمام علي عليهالسلام.
وممّا يجدر ذكره ـ كما أشرنا سابقا ـ أن واحدا من أفضل طرق حقانية أيّ مذهب هو مطالعة شخصية أتباعه والمدافعين عنه وحماته. فحين نلاحظ جماعة
__________________
(١) راجع تفسير البرهان ، ونور الثقلين ، والقرطبي ، ومجمع البيان ، وسائر التفاسير.
(٢) تفسير البرهان ، ج ٢ ، ص ٢١٣ ، ونور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٣٤٦.