أتقياء ، أذكياء ، مؤمنين مخلصين اجتمعوا حول أحد القادة ، أو مذهب معين فسيتّضح جيدا أنّ هذا القائد وهذا المذهب على درجة عالية من الحق والصدق.
ولكن حين نرى جماعة انتهازيين محتالين غير مؤمنين ولا متقين تجمعوا حول مذهب مّا أو قائد مّا ، فقلّ أن نصدّق أن ذلك المذهب أو القائد على حق.
وينبغي الإشارة إلى هذا الأمر ، وهو أنّه لا منافاة بين تفسير كلمة الشاهد بالإمام على ، وبين شمولها لجميع المؤمنين من أمثال أبي ذرّ وسلمان وعمّار واضرابهم ، لأنّ هذه التفاسير تشير إلى الشخص البارز والشاخص في هؤلاء المؤمنين ، أي إنّ المقصود هو جماعة المؤمنين الذين في طليعتهم الإمام علي عليهالسلام.
والدليل على هذا الكلام رواية منقولة عن الإمام الباقر عليهالسلام : قال : «الذي على بينّة من ربّه رسول الله الذي تلاه من بعده الشاهد منه أمير المؤمنين ثمّ أوصياؤه واحد بعد واحد» (١).
وعلى الرغم من أنّ هذه الرّواية تذكر المعصومين فحسب ، ولكنّها تدل على أن الرّوايات التي تفسر الشاهد بالإمام علي لا تعني شخصه فحسب ، بل كونه مصداقا وشاخصا للمؤمنين! ...
٢ ـ لماذا أشير إلى التوراة فحسب؟!
إن واحدا من دلائل حقانية النّبي كما ذكر في الآية الآنفة ـ الكتب السابقة على نبوة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولكن لم تذكر الآية من بينها سوى التوراة ، ونحن نعرف أن الإنجيل بشّر بظهور نبي الإسلام أيضا.
ويمكن أن يكون السبب هو أنّ المحيط الذي نزل فيه القرآن وظهر الإسلام فيه (أي مكّة والمدينة) متشبعا بأفكار اليهود أكثر من غيرهم من أهل الكتاب ، وكان المسيحيون يعيشون في أماكن أبعد من اليهود كاليمن والشامات ونجران والجبال
__________________
(١) تفسير البرهان ، ج ٢ ، ص ٢١٣.