(٥٠) من سورة الأنعام حيث تقول الآية مخاطبة النّبي أن يبلغ قومه بذلك (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) فانحصار امتياز نبي الإسلام في مسألة «الوحي» ونفي الأمور الثلاثة الأخرى يدل على أنّ الآيات التي تحدثت عن نوح كانت تستبطن هذا المعنى أيضا وإن لم تصرّح بذلك بمثل هذا التصريح!.
وفي ذيل الآية يكرر التأكيد على المؤمنين المستضعفين بالقول : (وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً) .. بل على العكس تماما ، فخير هذه الدنيا وخير الآخرة لهم وإن كانوا عفاة لخلّو أيديهم من المال والثروة .. فأنتم الذين تحسبون الخير منحصرا في المال والمقام والسن وتجهلون الحقيقة ومعناها تماما.
وعلى فرض صحة مدّعاكم أراذل و «أوباش» ف (اللهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ).أنا الذي لا أرى منهم شيئا سوى الصدق والإيمان يجب علىّ قبولهم ، لأنّي مأمور بالظاهر ، والعارف باسرار العباد هو الله سبحانه ، فإن عملت غير عملي هذا كنت آثما (إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ).
ويرد هذا الاحتمال أيضا في تفسير الجملة الأخيرة لأنّها مرتبطة بجميع محتوى الآية ، أي إذا كنت أدعي علم الغيب أو أنّي ملك أو أن عندي خزائن الله أو أن اطرد المؤمنين ، فسأكون عند الله وعند الوجدان في صفوف الظالمين.
* * *
ملاحظات
١ ـ أولياء الله ومعرفة الغيب
الاطلاع على الغيب مطلقا ـ كما أشرنا إليه مرارا ـ وبدون أي قيد وشرط هو من خصوصيّات الله سبحانه ، ولكنّه يطلع أنبياءه وأولياءه على الغيب بقدر ما يراه