«المؤمنين» بمثل هذا الاتهام .. فكأنّما يعيد التاريخ نفسه وصوره على أيدي هؤلاء ومخالفيهم ..
ولكن حين يتطهر المحيط الفاسد بثورة إلهية .. فهذه المعايير التي تقاس بها الشخصيّة والعناوين الموهومة الأخرى تلقى في مزابل التاريخ ، وتحل محلّها المعايير الإنسانية الأصيلة .. المعايير المتولدة من صميم حياة الإنسان والتي تكون لبنات تحتية للبناء الفوقاني للمجتمع السليم الحرّ ، حيث يستلهم منها قيمه ، كالإيمان والعلم الإيثار والمعرفة والعفو والتسامح والتقوى والشهامة والشجاعة والتجربة والذكاء والإدارة والنظم وما أشبهها ..
٣ ـ معنى علم الغيب في القرآن
هناك بعض المفسّرين كصاحب «المنار» حين يصل إلى هذه الآية يقول لمن يدعي أن علم الغيب لا يختصّ بالله ، أو يطلب حلّ المشاكل من سواه ، يقول في جملة قصيرة : إنّ هذين الأمرين ـ علم الغيب وخزائن الله ـ قد نفاهما القرآن عن الأنبياء ، لكن أصحاب البدع من المسلمين وأهل الكتاب يثبتونهما للأولياء والقديسين (١).
إذا كان مقصوده نفي علم الغيب عنهم مطلقا ولو بتعليم الله ، فهذا مخالف لنصوص القرآن المجيد الصريحة ، وإذا كان مقصوده نفي التوسّل بأنبياء الله وأوليائه بالصورة التي نطلب من الله بشفاعتهم أن يحلّ مشاكلنا ، فهذا الكلام مخالف للقرآن والأحاديث القطعيّة المسلّم بها عن طرق الشيعة وأهل السنّة أيضا.
لمزيد من الإيضاح في هذا المجال يراجع ذيل الآية (٣٤) من سورة المائدة.
* * *
__________________
(١) المنار ، ج ١٢ ، ص ٦٧.