فالهدف القرآني من بيان هذه القصّة للعبرة وبيان المسائل التي تربي الآخرين ، سواء كان الطوفان عالميا أو غير عالمي.
٢ ـ هل تقبل التوبة بعد نزول العذاب؟!
يستفاد من الآيات المتقدمة أنّ نوحا عليهالسلام استمر يدعو ولده حتى بعد شروع الطوفان، وهذا دليل على أنّه لو آمن ابنه «كنعان» لقبل إيمانه.
ويرد هنا سؤال وهو أنّه بالنظر إلى آيات القرآن الأخرى والتي مرّت «نماذج» منها ، تنصّ على أنّ أبواب التوبة تغلق بعد نزول العذاب .. لأنّ المجرمين في هذه الحالة إذ يرون العذاب محدقا بهم فالغالبية منهم يتوبون عن إكراه واضطرار لرؤية العذاب بأعينهم ، فعندئذ تكون توبتهم بلا محتوى وفاقدة للاعتبار.
ولكن بالتدقيق في الآيات السابقة يمكن الجواب على هذا السؤال ، هو أنّ شروع الطوفان وما جرى في بداية الأمر ، لم يكن علامة واضحة للعذاب ، بل كان يتصور أنّه مطر شديد لا مثيل له .. وعلى هذا فإنّ ابن نوح حين قال لأبيه (سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ) ظنّا منه أنّ الطوفان والمطر كانا طبيعيين. ففي هذه الحالة لا يبعد أن تكون أبواب التوبة ما تزال مفتوحة ، ويمكن أن يرد سؤال آخر في شأن ابن نوح ، وهو أنّه لم نادى نوح ابنه دون سائر الناس في هذه اللحظة الحرجة؟!
ويمكن أن يكون الجواب أنّ نوحا أدّى وظيفته في الدعوة العامّة للآخرين وبضمنها دعوته لولده ، إلّا أنّه كان يتحمل وظيفة أصعب بالنسبة لولده ، وهي وظيفة «الابوّة» إلى جانب وظيفة «النّبوة» فلهذا السبب كان يؤكّد على أداء وظيفته بالنسبة لولده إلى آخر لحظة.
والاحتمال الآخر وكما يقول المفسّرون أنّ ابن نوح لم يكن في صفّ الكفار ولا في صف المؤمنين ، بل كما يقول القرآن : (كانَ فِي مَعْزِلٍ) فلأنّه لم يكن مع