العمل حتى صار هو العمل بذاته.
فابن نوح كان كذلك ، فقد جالس رفقاء السوء وغاص في أعمالهم السيئة وأفكارهم المنحرفة ، بحيث كأنّ وجوده تبدل إلى عمل غير صالح! ..
فعلى هذا .. وإن كان التعبير المقدم موجزا ومختصرا جدا ، إلّا أنّه يعبّر عن حقيقة مهمّة في ابن نوح!.
أي لو كان هذا الظلم والانحراف والفساد في وجود ابن نوح سطحيّا لكانت الشفاعة في حقّه ممكنة ، ولكنّه أصبح غارقا في الفساد والانحراف ، فليس للشفاعة هنا محلّ ، فدع الكلام فيه يا نوح! ..
وما يراه بعض المفسّرين من أن كنعان لم يكن ابن نوح حقيقة ، أو أنّه كان ابنا غير شرعي ، أو أنّه ابن شرعي من زوجته عن رجل آخر ، بعيد عن الصواب لأنّ قوله : (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) في الواقع علة لقوله : (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) أي إنّما نقول لك إنّه ليس من أهلك فلأنّه انفصل عنك بعمله وإن كان الرباط النسبي لا يزال قائما ..
٢ ـ دائرة الوعد الإلهي
مع ملاحظة ما ورد في الآيات المتقدمة من خطاب نوح لربّه وما أجابه الله به ، ينقدح هذا السؤال وهو : كيف لم يلتفت نوح إلى أنّ ابنه كنعان كان خارج دائرة الوعد الالهي؟
ويمكن الإجابة على هذا السؤال ـ كما أشرنا آنفا ـ أنّ هذا الابن لم تكن له طريقة واحدة معروفة ، فتارة تراه مع المؤمنين وأخرى مع الكفار ، ممّا يوهم أنّه مؤمن. بالإضافة إلى الإحساس بالمسؤولية الكبرى التي كان نوح يجدها في نفسه بالنسبة إلى ولده ، كذلك المحبّة والعلاقة الطبيعية التي يجدها كل أب بالنسبة لابنه ، والأنبياء غير مستثنين من هذا القانون ، كل ذلك كان سببا في أن يطلب نوح من