ربّه هذا الطلب ..
ولكن بمجرّد أن اطّلع على واقع الأمر ، أسف على طلبه فورا واعتذر إلى الله راجيا عفوه ـ وإن لم يكن صدر منه ذنب ـ لأنّ موقع النّبي يقتضي منه أن يراقب كلامه وتصرفاته، فكان الأولى عليه الترك ، ومن هنا فقد سأل الله العفو والمغفرة .. ومن هنا يتّضح الجواب على سؤال : هل يذنب الأنبياء حتى يطلبوا العفو والمغفرة؟ ..
٣ ـ هناك حيث تنقطع العلائق
تعكس الآيات الآنفة درسا من أنجع الدروس الإنسانية والتربوية ضمن بيان قصّة نوح .. درسا لا مفهوم له في المذاهب المادية لكنّه أصل أساس في المذهب الإلهي والمعنوي.
فالعلائق المادية «النسب ، القرابة ، الصداقة ، المرافقة» تخضع دائما في المذاهب السماوية إلى العلائق المعنوية.
وفي المذاهب السماوي لا مفهوم للعلاقة النسبية والقرابة مقابل الرابطة المذهبية.
هناك حيث تتحقق العلاقة الدينية ، كسلمان الفارسي الذي لا هو من أهل بيت النّبي ولا من قريش ولا من أهل مكّة ، بل لم يكن أساسا من العرب ، ولكنّه طبقا لما ورد في الحديث الشريف المعروف «سلمان منّا أهل البيت»كان يعدّ من أسرة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
إلّا أنّ الابن الواقعي والمباشر للنّبي ـ كابن نوح ـ يطرد على أثر قطع علاقته الدينية، ويقال في شأنه لأبيه نوح : (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ).
قد تكون هذه المسألة المهمّة عسيرة الفهم لمن يعيش في دائرة التفكير المادي لكنّها حقيقة من صميم الأديان السماوية جميعا.