الآية الأخيرة تشير إلى عدّة مسائل :
١ ـ إنّ بيان قصص الأنبياء عليهمالسلام ـ بالصورة الواقعية والخالية من أي نوع من أنواع التحريف الخرافة ـ ممكن عن طريق الوحي السماوي فحسب ، وإلّا فإنّ كتب تاريخ الماضين مليئة بالأساطير والقصص الخياليّة التي بلغت درجة لا يمكن معها معرفة الحق من الباطل ، وكلما عدنا إلى الوراء أكثر وجدنا الخلط والتزييف أكثر.
فعلى هذا ، يعتبر بيان حال الأنبياء الماضين والأقوام السالفة بصورة سليمة وخالية من الخرافات والخز الخزعبلات دليلا على حقانية القرآن والإسلام والنّبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم.
٢ ـ يستفاد من هذه الآية ـ خلافا لما يتصوره البعض ـ أنّ الأنبياء كانوا يعلمون الغيب عن طريق تعليم الله وبالمقدار الذي كان يريده الله لهم ، لا أنّهم يعلمون الغيب من أنفسهم ، وإذا وجدنا في بعض الآيات ما ينفي العلم الغيبي عنهم ، فهو إشارة إلى أنّ علمهم ليس ذاتيا ، بل هو من الله.
٣ ـ وهذه الآية توضح حقيقة أخرى ، وهي أنّ بيان قصص الأنبياء والأقوام الماضين في القرآن ليس درسا للمسلمين فحسب ، بل هو إضافة إلى ذلك تسلية لخاطر النّبي وطمأنة لقلبه ، لأنّه بشر أيضا ، وينبغي أن يتلقى الدروس من الأديان الالهية ويتهيأ لمواجهة الطاغوت في عصره ، وأن لا يكترث بهموم المشاكل في طريقه.
أي كما واجه نوح المشاكل بصبر واستقامة لسنين طوال ليهدي قومه إلى الإيمان ، فعليك يا نبي الإسلام أن لا تدع الصبر والاستقامة على كل حال! والآن نودع قصّة نوح بكل ما تحمل من عبر وأعاجيب ، ونتوجه إلى نبي عظيم آخر وهو هود الذي سمّيت هذه السورة باسمه.
* * *