في الأمر لما كان هؤلاء المصلحون ورجال الدين يقضون أوقاتهم في خدمة الإسلام والمسلمين ، فينبغي أن تؤمن حاجاتهم المادية بطريق صحيح ، وأن يقوم صندوق الإعانة وبيت مال المسلمين بتكفّل هذه الجماعة ، فإنّ واحدا من أغراض إنشاء بيت المال في الإسلام هو هذا الغرض ، أي ليصرف على رجال الدين المنشغلين بالإصلاح والتبليغ.
٣ ـ الذنب وهلاك المجتمعات
كما نرى أيضا ـ في الآيات المتقدمة ـ أنّ القرآن يقيم رابطة بين المسائل المعنوية والماديّة ، فيعدّ الاستغفار من الذنب والتوبة إلى الله أساس العمران والخصب والخضرة والنضرة وزيادة في القوة والاقتدار.
هذه الحقيقة نلمسها في كثير من آيات القرآن الكريم ، من هذه الآيات ما ورد في سورة نوح على لسان هذا النّبي العظيم لقومه ، حيث تقول الآيات (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً) (١).
الطريف هنا أنّنا نقرأ في الرّوايات الإسلامية أنّ الربيع بن صبيح : قال : كنت عند الحسن بن علي عليهماالسلام فجاءه رجل وشكاله من الجدب والقحط ، فقال له الحسن عليهالسلام:استغفر الله ، فجاءه آخر فشكا له من الفقر ، فقال : استغفر الله ، فجاءه ثالث وقال له :ادع لي أن يرزقني الله ولدا ، فقال الحسن عليهالسلام : استغفر الله ، يقول الربيع بن صبيح:فتعجبت وقلت له : ما من أحد يأتيك ويشكو إليك أمره ويطلب النعمة إلّا أمرته بالاستغفار والتوبة إلى الله .. فأجابه : «إنّ ما قلته لم يكن من نفسي ، وإنّما استفدت ذلك من كلام الله الذي يحكيه
__________________
(١) سورة نوح ، الآيات ٩ ـ ١٢.