الإشكال (١).
وفي الآية الأخيرة التي تنتهي بها قصّة «هود» وقومه «عاد» بيان لنتيجة أعمالهم السيئة والباطلة حيث تقول الآية : (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً) وبعد الموت لا يبقى إلّا خزيهم والصيت السيء (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) يقال لهم (أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ).
وكان يكفي تعريف هذه الجماعة بلفظ «عاد» ولكن بعد ذكر عاد جاء لفظ «قوم هود» أيضا لتؤكّد عليهم أوّلا ، ولتشير الى أنّهم القوم الذين آذوا نبيهم الناصح لهم ثانيا ، ولذلك فقد أبعدهم الله عن رحمته.
* * *
بحثان
١ ـ قوم عاد من منظار التاريخ
بالرغم من أنّ بعض المؤرّخين الغربيين كـ «أسبرينكل» أرادوا أن ينكروا قصّة «عاد» من الناحية التاريخية ، وربّما كان ذلك بسبب عدم توفر ذكر لهم في غير الآثار الإسلامية ، ولم يجدوها في كتب العهد القديم «التوراة» ولكن هناك وثائق ـ تشير إلى قصّة عاد ـ مشهورة إجمالا بين العرب في زمن الجاهلية ، وقد ذكرهم شعراء العرب قبل الإسلام ، وحتى في العصر الجاهلي كانوا يطلقون لفظ «العاديّ» على البناء العالي والقوي نسبة إلى عاد.
ويعتقد بعض المؤرّخين أنّ لفظ «عاد» يطلق على قبيلتين :
إحداهما : قبيلة كانت تقطن الحجاز قبل التاريخ ثمّ زالت وزالت آثارها أيضا ،
__________________
(١) يراجع في هذا الصدد تاج العروس للزبيدي والمفردات للراغب مادة (جبر) و (كبر) ومجمع البيان وتفسير البيان ذيل الآية محل البحث وآيات سورة الحشر الأخيرة.