ولعل هذه الجنود الغيبيّة هي الملائكة التي حفظت النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في سفره الشاق المخيف ، أو الملائكة التي نصرته في معركتي بدر وحنين وأضرابهما.
(وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا).
وهي إشارة إلى أنّ مؤامراتهم قد باءت بالخيبة والفشل وحبطت أعمالهم وآراؤهم ، وشعّ نور الله في كل مكان ، وكان الإنتصار في كل موطن حليف محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولم لا يكون الأمر كذلك (وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)؟
فبعزته وقدرته نصر نبيّه ، وبحكمته أرشده سبل الخير والتوفيق والنجاح.
قصّة صاحب النّبي في الغار :
هناك كلام طويل بين مفسّري الشيعة وأهل السنة في شأن صحبة أبي بكر النّبيصلىاللهعليهوآلهوسلم في سفره وهجرته ، وما جاءت من إشارات مغلقة في شأنه في الآية آنفا. فمنهم من أفرط ، ومنهم من فرّط.
فالفخر الرازي في تفسيره سعى بتعصبه الخاص أن يستنبط من هذه الآية اثنتى عشرة فضيلة! لأبي بكر ، ومن أجل تكثير عدد فضائله أخذ يفصّل ويسهّب بشكل يطول البحث فيه ممّا يتلف علينا الوقت الكثير.
وعلى العكس من الفخر الرازي هناك من يصرّ على استنباط صفات ذميمة لأبي بكر من سياق الآية.
وينبغي أن نعرف ـ أوّلا ـ هل تدل كلمة «الصاحب» على الفضيلة؟ والظاهر أنّها ليست كذلك ، لأنّ الصاحب في اللغة تدلّ على الجليس أو الملازم للمسافر بشكل مطلق ، سواء كان صالحا أم طالحا ، كما نقرأ في الآية (٣٧) من سورة الكهف عن محاورة رجلين فيما بينهما ، أحدهما مؤمن والآخر كافر (قالَ لَهُ صاحِبُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ)؟!
كما يصرّ بعضهم على أنّ مرجع الضمير من «عليه» في قوله تعالى فَأَنْزَلَ اللهُ