سيما اليهود والنصارى منهم ، ليتّضح أنّه لو كان بعض التشدد في معاملتهم ، فإنّما هو لانحرافهم عن التوحيد ، وميلهم إلى نوع من الشرك في العقيدة ، ونوع من الشرك في العبادة.
فتقول الآية الأولى من الآيات محل البحث : (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ).
* * *
بحوث
«عزير» في لغة العرب هو «عزرا» في لغة اليهود ، ولمّا كانت العرب تغيّر في بعض الكلمات التي تردها من لغات أجنبية وتجري على لسانها ، وذلك كما هي الحال في إظهار المحبّة خاصّة فتصغر الكلمة ، فصغرت عزرا إلى عزير ، كما بدلت كلمة يسوع العبرية إلى عيسى في العربية ، ويوحنا إلى يحيى. (١)
وعلى كان حال ، فإن عزيرا ـ أو عزرا ـ له مكانة خاصّة في تاريخ اليهود ، حتى أن بعضهم زعم أنّه واضع حجر الأساس لأمّة اليهود باني مجدهم وفي الواقع فإنّ له خدمة كبرى لدينهم ، لأنّ بخت نصر ملك بابل دمر اليهود تدميرا في واقعته المشهورة ، وجعل مدنهم ، تحت سيطرة جنوده فأبادوها ، وهدموا معابدهم ، وأحرقوا توراتهم ، وقتلوا رجالهم ، وسبوا نساءهم ، وأسروا أطفالهم ، وجيء بهم إلى بابل فمكثوا هناك حوالي قرن.
ولما فتح كورش ملك فارس بابل جاءه عزرا ، وكان من أكابر اليهود ، فاستشفعه
__________________
(١) المراد من التصغير عادة هو بيان كون الشيء صغيرا في قبال شيء آخر كبير ، مثل رجيل المصغر عن رجل ، لكن للتصغير أغراضا بلاغية منها إظهار المحبّة وغيرها ، كما في اظهار الرجل محبته لولده فيصغّر اسمه.