بحوث
وهنا أمور ينبغي ملاحظتها :
١ ـ الفرق بين الفقير والمسكين
هناك بحث بين المفسّرين في مفهومي الفقير والمسكين ، هل أنّ مفهومهما واحد ، وتكرار اللفظين معا في الآية من باب التأكيد فتصبح موارد صرف الزكاة سبعة لا ثمانية ، أم أنّهما لهما معنيان مختلفان؟
أغلب المفسّرين والفقهاء قالوا بالثّاني ، لكن وقع البحث حتى بين أنصار هذا القول في تفسير وتحديد مفهوم كل من الكلمتين ، والذي يبدو أقرب للنظر ، أنّ (الْفَقِيرَ) هو الشخص الذي يعاني من حاجة مالية في حياته ومعاشه مع أنّه يعمل ويكتسب ، لكنّه لا يسأل أحدا مطلقا رغم حاجته لعفته وعزّة نفسه ، أمّا المسكين فهو أشد حاجة من الفقير ، وهو العاجز عن العمل ، فهو مضطر لأنّ يستعطي الناس ويسألهم. والدليل على ذلك أنّ الأصل اللغوي لكلمة مسكين مأخوذ من مادة السكون ، لأنّ المسكين لشدة فقره كأنّه سكن وأخلد إلى الأرض.
ثمّ إنّ ملاحظة استعمال الكلمتين في مواضع متعددة من القرآن يؤيد هذا الرأي ، فمثلا : نقرأ في الآية (١٦) من سورة البلد : (أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ) وفي الآية (٨) من سورة النساء : (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ) ويفهم من هذا التعبير أنّ المراد بالمساكين هم الذين يسألون ويستعطون إذا حضروا مثل هذه المواضع.
وفي الآية (٢٤) من سورة القلم نقرأ : (أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ) وهي إشارة إلى السائلين.
وكذلك التعبير ب (إطعام مسكين) أو (طعام مسكين) ، فإنّه يوحي بأنّ المساكين هم الجياع الذين يحتاجون إلى الطعام ، في حين أنّنا نستطيع أن نفهم بوضوح ـ من خلال بعض الآيات القرآنية التي وردت فيها كلمة الفقير ـ أنّ المراد من الفقراء هم