باب وجوب المعرفة لنفسها (١) كمعرفة الواجب تعالى وصفاته أداء (٢) لشكر بعض نعمائه ، ومعرفة (٣) أنبيائه ، فانهم وسائط نعمه وآلائه (*)
______________________________________________________
(١) صريح العبارة أن وجوب المعرفة نفسي لا غيري ، والوجه فيه كونه تبارك وتعالى مستجمعا لجميع صفات الكمال فيستحق أن يعرف.
(٢) ظاهره أن وجوب المعرفة غيري مقدمة لشكر المنعم الواجب ، وهو ينافي وجوبها نفسيّا كما أفاده. إلّا أن يقال : ان المراد من وجوب المعرفة نفسيا ان وجوبها ليس كالوجوبات المقدمية الناشئة من وجوب الغير ، فلا ينافى كونه لأجل الغير وهو أداء الشكر. أو يقال : مقصوده (قده) أن نفس المعرفة بما هي شكر ، بل هي أعلى مراتب الشكر من العلم والحال والعمل ، والمراد بالأولى معرفة المنعم ، وبالثانية التخضع والتخشع له قلبا ، وبالثالثة صرف البصر والسمع واللسان وغيرها من الجوارح فيما خلقت لأجله بأداء ما هو وظيفته. وعليه فمعرفة المنعم بنفسها من أفضل مراتب الشكر ، فيجب نفسيا.
(٣) معطوف على «معرفة الواجب».
__________________
(*) ان كان غرضه (قده) توقف شكر المنعم على معرفتهم عليهمالسلام ، ففيه عدم التوقف عقلا ، لإمكان تحققه بدونها وعدم نهوض برهان عليه أيضا. وان كان غرضه لزوم معرفتهم عليهمالسلام ، لأنهم وسائط فيضه جل وعلا ، ووسائل وصول النعم إلى الخلق بحيث يكون لهم دخل في فعله جل وعلا ، فهو ينافى التوحيد الفعلي ، ويكون الشكر لهم على حدّ شكر المنعم الحقيقي شركا بالمنعم بما هو منعم.
والحاصل : أن دخلهم عليهمالسلام في النعم ليس كدخله تبارك وتعالى فطريا حتى يوجب شكرهم المقتضي لوجوب معرفتهم ، فلا ينبغي جعل وجوب معرفتهم في عرض وجوب معرفته جل وعلا ، ومن باب وجوب شكره عظم شأنه ، بل