.................................................................................................
______________________________________________________
ثانيهما : عدم جواز الاكتفاء بما دون الإطاعة الظنية أعني الإطاعة الشكية والوهمية ، ولازم عدم جوازه حسن الإطاعة الظنية.
وشيء من هذين الأمرين لا يصلح لأن يتعلق به الحكم المولوي. أما الأول فلان المؤاخذة فعل الشارع ، وقد عرفت أن فعل الشارع لا يكون موردا لحكم نفس الشارع ، فلا يتعلق به حكمه ، وانما يتعلق به حكم العقل ، فالحاكم بقبح المؤاخذة هو العقل دون الشرع. وأما الثاني ، فلأنه وان كان في نفسه قابلا لحكم الشرع من جهة أن الموضوع فيه ـ أعني الإطاعة الظنية أو الإطاعة الشكية ـ والوهمية فعل العبد ، لكن حيث لا يترتب على تعلق حكم الشرع بهذا الموضوع فائدة لم يكن أيضا قابلا للحكم المولوي. توضيح ذلك : أن الاكتفاء بما دون الإطاعة الظنية يكون بنفسه منشأ لاستحقاق العقاب ، كما أن الإطاعة الظنية تكون بنفسها منشأ لاستحقاق الثواب ، فلا حاجة إلى أمر المولى بها ، ولا إلى نهيه عن الاكتفاء بما دونها ، لعدم ترتب فائدة على هذا الأمر أو النهي ، إذ لو كان الغرض منهما إيجاد الداعي في نفس العبد إلى العمل بالظن وترك الاكتفاء بما دونه فهو من قبيل طلب الحاصل المحال ، لفرض حصول هذا الغرض بحكم العقل بحسن الأول وقبح الثاني ، وان كانا بدون غرض فهو قبيح على العاقل فضلا عن الحكيم.
وبالجملة : فالمورد ـ أعني باب الإطاعة والمعصية الّذي منها الإطاعة الظنية فيما نحن فيه ـ غير قابل للحكم المولوي حتى تجري فيه قاعدة الملازمة لتثبت بها حجية الظن حال الانسداد شرعا أيضا ، إما لانتفاء الشرط الأول المعتبر فيه وهو كون موضوعه فعل العبد ، لما عرفت من أن الموضوع هنا هو المؤاخذة