ثم ان الظاهر أنه لو فرض أن المعلوم بالإجمال كان فعليا من جميع الجهات لوجب عقلا موافقته مطلقا ولو كانت (١) أطرافه غير
______________________________________________________
(١) بيان للإطلاق ، وتعريض بما اشتهر من التفصيل في وجوب الاحتياط في أطراف العلم الإجمالي بين الشبهة المحصورة بوجوبه فيها ، وغير المحصورة بعدم وجوبه فيها ، ويظهر هذا التفصيل من شيخنا الأعظم أيضا ، حيث انه عقد المقام الأول للبحث عن وجوب الموافقة وحرمة المخالفة القطعيتين بالنسبة إلى الشبهة المحصورة ، ثم عقد المقام الثاني للشبهة غير المحصورة وقال بعد نقل أدلة ستة على عدم وجوب الاجتناب فيها : «... وقد عرفت أن أكثرها لا يخلو من منع أو قصور ، لكن المجموع منها لعله يفيد القطع أو الظن بعدم وجوب الاحتياط في الجملة» وحاصل إشكال المصنف على هذا التفصيل هو : أن المعلوم إجمالا ان كان فعليا من جميع الجهات وجب الاحتياط في جميع الأطراف وان كانت غير
__________________
لا يرفعان تماثل فردين من طبيعة واحدة ، ولا تضاد فردين من طبيعتين متقابلتين كما يظهر لمن أمعن النّظر في اجتماع سواد ضعيف مع سواد قوي أو سواد ضعيف مع بياض قوي في موضوع واحد (١).
أقول : أما اشكاله الثاني والثالث فالظاهر متانتهما كما أفاده (قده). وأما الأول فقد يختلج في الذهن عدم خلوه عن الغموض ، وذلك لأن الغرض من كل تكليف إلزاميّ وان كان إيجاد الداعي إلى الامتثال ، لكن هذا الغرض من آثار الملاك الثابت في المكلف به وتوابعه ، وليس له وجود استقلالي ، فان كان ذلك الملاك مهما جدا لم يجز الترخيص ، وإلّا جاز ذلك ، فالمناط في جواز الترخيص وعدمه هو ملاك المكلف به قوة وضعفا ، لا الغرض القائم بنفس التكليف ، ففي فرض عدم الفعلية من جميع الجهات لا مانع من الترخيص ، فتدبر.
__________________
(١) نهاية الدراية ، ص ٥٤