لأنه يقال : نعم (١) وان كان ارتفاعه بارتفاع منشأ انتزاعه (٢) ،
______________________________________________________
(١) أي : وان لم يكن دليل آخر على وجوب الأقل بعد نفي الأكثر بالبراءة ، إلّا أنه يمكن إثبات وجوب الأقل بطريق آخر سيأتي بيانه ، وهذا جواب الإشكال ومحصله : أن الوجه في ثبوت الأمر بالأقل ليس هو البراءة الشرعية حتى يقال : ان الأصل لا يثبت اللوازم ، بل الوجه في ذلك هو الجمع بين أدلة الأجزاء ، ووجوب وبين أدلة البراءة الشرعية ، حيث ان وجوب الأقل معلوم بنفس أدلة الأجزاء ، ووجوب الأكثر منفي بالبراءة الشرعية ، فيكون مثل حديث الرفع بمنزلة الاستثناء وتقييد إطلاقها لحالتي العلم والجهل بجزئية الأجزاء ، فإذا فرض جزئية السورة مثلا للصلاة واقعا كان مثل حديث الرفع نافيا لجزئيتها في حال الجهل بها ، فكأن الشارع قال : «يجب في الصلاة التكبير والقراءة والركوع والسجود والتشهد مطلقا علم بها المكلف أم لا ، وتجب السورة إذا علم بجزئيتها» وهذا التحديد نشأ من حكومة حديث الرفع على أدلة الأجزاء والشرائط حكومة ظاهرية موجبة لاختصاص الجزئية بحال العلم بها على نحو لا يلزم التصويب كما مر في بحث أصل البراءة. كما أن إطلاق دليل الجزئية لحالتي التذكر والنسيان يتقيد بفقرة «رفع النسيان» بصورة التذكر.
وبالجملة : فوجوب الأقل مستند إلى أدلة الأجزاء لا إلى حديث الرفع حتى يتوهم أن إثبات ذلك به يتوقف على القول بالأصل المثبت ، والحديث ينفى خصوص الوجوب الضمني المتعلق بما شك في جزئيته ، ولا ينفي تمام الوجوب على تقدير ثبوته للأكثر.
(٢) هذا الضمير وضمير «ارتفاعه» راجعان إلى الأمر الانتزاعي ، وهذا كارتفاع جزئية السورة بارتفاع منشأ انتزاعه وهو الأمر الضمني المتعلق بها ، و «الناظر» صفة لـ «حديث الرفع» وإشارة إلى الحكومة التي أشرنا إليها بقولنا : «وهذا