ثانيهما (١) : أن لا يكون موجبا للضرر على آخر (٢).
ولا يخفى (٣) أن أصالة البراءة عقلا ونقلا في الشبهة البدوية
______________________________________________________
(١) هذا هو الشرط الثاني ، ومحصله : أنه يعتبر في جريان أصالة البراءة أن لا يكون موجبا لضرر الغير من مسلم أو من بحكمه ، كما إذا فتح إنسان قفص طائر فطار ، أو حبس شاة فمات ولدها أو أمسك رجلا فهربت دابته وضلّت ، ونحو ذلك ، فان إجراء البراءة عن الضمان في أمثال هذه الموارد يوجب الضرر على المالك ، فلا يصح إجراؤها فيها. قال الفاضل التوني (ره) في محكي الوافية «ثانيها : أن لا يتضرر بسبب التمسك به مسلم أو من في حكمه ، مثلا إذا فتح إنسان قفصا لطائر فطار ، أو حبس شاة فمات ولدها ، أو أمسك رجلا فهربت دابته وضلت ، أو نحو ذلك ، فانه لا يصح حينئذ التمسك ببراءة الذّمّة ، بل ينبغي للمفتي التوقف عن الإفتاء ولصاحب الواقعة الصلح إذا لم يكن منصوصا بنص خاص أو عام ، لاحتمال اندراج مثل هذه الصورة في قوله : لا ضرر ولا ضرار في الإسلام ، وفيما تدل على حكم من أتلف ما لا لغيره ، إذ نفي الضرر غير محمول على حقيقته ، لأنه غير منفي ، بل الظاهر أن المراد به نفي الضرر من غير جبران بحسب الشرع.
والحاصل : أن في مثل هذه الصورة لا يحصل العلم بل ولا الظن بأن الواقعة غير منصوصة. وقد عرفت أن شرط التمسك بالأصل فقدان النص ، بل يحصل القطع حينئذ بتعلق حكم شرعي بالضار ، لكن لا يعلم أنه مجرد التعزير أو الضمان أو هما معا ، فينبغي للضار أن يحصل العلم ببراءة ذمته ، وللمفتي الكشف عن تعيين الحكم ، لأن جواز التمسك بأصالة براءة الذّمّة والحال هذه غير معلوم».
(٢) فضلا عن نفس من يجري الأصل ، إذ لا مقتضى لجريانه حينئذ ، لكونه خلاف الامتنان.
(٣) هذا شروع في رد الشرط الأول ، وهو : أن لا يكون جريان الأصل موجبا