و «يا أشباه الرّجال ولا رجال» فان (١) قضية البلاغة (*) في الكلام
______________________________________________________
(١) هذا تمهيد لبيان ما اختاره من كون نفي الضرر من نفي الموضوع والحقيقة ادعاء وإرادة نفي الحكم منه. توضيح ذلك : أنه لمّا تعذرت إرادة المعنى الحقيقي وهو نفي الضرر حقيقة ، لكونه كذبا ، لوجود الضرر في الخارج ، دار أمره بين جملة من المعاني :
منها : إرادة الحكم من الضرر بعلاقة السببية ، حيث ان الضرر ينشأ من حكم الشارع ، كما إذا وجب الوضوء مع كون استعمال الماء مضرا ، أو لزم البيع الغبني ، فان الضرر في الأول ناش عن حكم الشارع بوجوب الوضوء ، وفي الثاني عن حكمه بلزوم البيع على المغبون ، فهذان الوجوب واللزوم منفيان بقاعدة الضرر ، فمرجع هذا الوجه إلى استعمال لفظ الضرر مجازا في سببه وهو الحكم الشرعي التكليفي أو الوضعي. وبهذا التصرف المجازي يصير النفي حقيقيا ، لعدم جعل طبيعة الحكم الّذي ينشأ منه الضرر حقيقة ، ففي وعاء التشريع لا ضرر حقيقة ، ويسمى هذا التصرف بالمجاز في الكلمة ، ويعبر عنه بأن الحكم الضرري لا جعل له ، فالضرر عنوان لنفس الحكم ومحمول عليه بالحمل الشائع ، كالحرج الّذي هو عنوان الحكم ومنفي في الشرع ، كما هو مقتضى قوله تعالى : «ما جعل عليكم في الدين من حرج» وهذا خيرة شيخنا الأعظم بل نسب إلى المشهور ، قال
__________________
الآثار المهمة التي يكون انتفاؤها مساوقا بنظر العرف لانتفاء الطبيعة. وأما انتفاء الصفات الكمالية مع وجود الصفات القوامية فلا يسوغ نفي الحقيقة ادعاء.
(*) لا يخفى أن البلاغة غير ملحوظة في روايات الأحكام خصوصا إذا لم تكن الرّواة من أهل العلم ، فان المقصود فيها تفهيم السائلين بعبارات واضحة جدا بحيث لا يتطرق إليها احتمال خلاف. وعليه فلا تكون الأقربية إلى البلاغة مزية توجب أرجحية إرادته من غيره.