ثم انقدح بذلك (١) حال توارد دليلي العارضين كدليل نفي العسر
______________________________________________________
(١) أي : بالتوفيق العرفي بين دليل نفي الضرر وأدلة الأحكام الأولية بحمل الأول على الفعلية والثاني على الاقتضاء ظهر حال توارد دليلي العنوانين الثانويين وأن التوفيق العرفي لا يجري فيهما ، بل لهما حكم آخر وهو جريان حكم التزاحم أو التعارض فيهما.
وهذا إشارة إلى المبحث الثاني وهو نسبة دليل الضرر مع أدلة أحكام العناوين الثانوية غير الضرر كالحرج والنذر واليمين والشرط ، كما إذا كان حفر بئر أو بالوعة في ملكه مضرا بجاره وتركه حرجا على نفسه ، وكما إذا كان شرب التتن مضرا بحاله وتركه عسرا عليه ، وكما إذا نذر الصلاة في مسجد معين مثلا ، وكان أداؤها فيه مستلزما للضرر ، فحينئذ يقع التهافت بين أدلة النذر والضرر والحرج ، وكل منها عنوان ثانوي ، فلا يتأتى فيها التوفيق العرفي بحمل أحدهما على الفعلي والآخر على الاقتضائي ، لتساويها في الفعلية والاقتضاء ، وكونها من قبيل الواحد لعرضيتها وعدم طوليتها حتى يوفق بينها بحمل أحدها على الفعلي والآخر على الاقتضائي. ويعامل مع دليلي العنوانين الثانويين معاملة المتعارضين ان كان المقتضي للحكم في أحدهما دون الآخر ، فيرجح ذو المزية منهما على الآخر. وعلى تقدير التكافؤ
__________________
عدم جعل الضرر في الأحكام.
وبالجملة : فحكومة «لا ضرر» بناء على المعنى الّذي اختاره الشيخ (قده) على أدلة الأحكام الأولية ثابتة ، هذا.
بل الحكومة بناء على مختار المصنف (قده) من نفي الحكم بلسان نفى الموضوع أيضا ثابتة ، لأن مفاد «لا ضرر» بناء عليه هو نفي حكم الموضوع الضرري ، ومن المعلوم أنه ناظر إلى ذلك الحكم حتى يرفعه حال عروض الضرر على ذلك الموضوع.