وأما (*) ما لا ابتلاء به (١) بحسبها فليس للنهي عنه موقع أصلا ، ضرورة أنه (٢) بلا فائدة ولا طائل ، بل يكون من قبيل طلب الحاصل (٣) ، كان (٤) الابتلاء بجميع الأطراف مما لا بد منه في تأثير العلم ، فانه بدونه (٥) لا علم بتكليف فعلي ، لاحتمال تعلق الخطاب بما لا ابتلاء به.
______________________________________________________
فلا يصدر من الحكيم ، بل النهي محال في نفسه ، لكونه طلبا للحاصل المحال ، ضرورة أن الغرض من النهي ـ وهو عدم الوقوع في المفسدة ـ حاصل بنفس خروج المتعلق عن الابتلاء ، فلا يعقل طلبه حينئذ.
(١) هذا الضمير وضمير «عنه» راجعان إلى «ما» الموصول في «ما لا ابتلاء» المراد به المورد الخارج عن الابتلاء ، وضمير «بحسبها» راجع إلى العادة.
(٢) أي : أن النهي عما لا ابتلاء به بحسب العادة بلا فائدة ، لعدم ترتب الغرض من النهي وهو كونه داعيا إلى الترك عليه ، وهذا إشارة إلى لغوية الخطاب بالخارج عن الابتلاء ، وهي تستفاد أيضا من كلام الشيخ الأعظم : «والسّر في ذلك أن غير المبتلى تارك للمنهي عنه بنفس عدم ابتلائه ، فلا حاجة إلى نهيه».
(٣) لحصول الغرض من النهي وهو ترك المفسدة بالترك الحاصل قهرا بنفس عدم الابتلاء ، ومعه يستحيل طلب الترك بالخطاب.
(٤) جواب «لما» في قوله : «لما كان النهي عن الشيء ... إلخ».
(٥) أي : بدون الابتلاء بجميع الأطراف ، وضمير «فانه» للشأن ، وضمير «منه» راجع إلى «ما» الموصول ، وحاصله : أنه بدون الابتلاء بتمام الأطراف ـ بحيث يكون قادرا عادة بالمعنى المتقدم على ارتكاب أي واحد منها شاء ـ لا علم
__________________
(*) الأولى بحسب السياق أن تكون العبارة هكذا : وأما ما لا يمكن عادة ابتلاؤه به فليس للنهي عنه ... إلخ.