ديان يوم الدين ضيعنا أخانا وقتلنا أبانا فلم يفق الّا ببرد السحر (١).
وبالرغم من احتراق قلبه ولهيب روحه لم يجر على لسانه ما يدل على عدم الشكر او اليأس او الفزع او الجزع ، بل قال : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) (٢) ثمّ قال : (وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) واسأله ان يبدل مرارة الصبر في فمي الى «حلاوة» ويرزقني القوة والقدرة على التحمّل اكثر امام هذا الطوفان العظيم ، لئلا افقد زمامي ويجري على لساني كلام غير لائق.
ولم يقل : اسأله ان يعطيني الصبر على موت يوسف ، لانّه كان يعلم ان يوسف لم يقتل ... بل قال : اطلب الصبر على مفارقتي ولدي يوسف ... وعلى ما تصفون.
ملاحظات
* * *
١ ـ حول الترك «الاولى»
ينقل ابو حمزة الثمالي عن الامام السجاد فيقول : كنت يوم الجمعة في المدينة وصليت الغداة مع الامام السجاد عليهالسلام فلمّا فرغ من صلاته وتسبيحه نهض الى منزله وانا معه ، فدعا مولاة له تسمى سكينة فقال لها : «لا يعبر على بابي سائل الّا أطعمتموه فإنّ اليوم يوم الجمعة».
يقول ابو حمزة : فقلت له : ليس كل من يطلب العون مستحقا له ، فقال : يا أبا ثابت ، أخاف أن يكون بعض من يسألنا محقّا فلا نطعمه ونردّه فينزل بنا ـ اهل البيت ـ ما نزل بيعقوب وآله. أطعموهم ان يعقوب كان يذبح كل يوم كبشا فيتصدق منه ويأكل هو وعياله منه ، وان سائلا مؤمنا صوّاما محقّا له عند الله منزلة ، وكان مجتازا غريبا اعترّ على باب يعقوب عشية جمعة عند أوان إفطاره
__________________
(١) تفسير الآلوسي : ذيل الآية.
(٢) صبر جميل (صفة وموصوف) خبر لمبتدإ محذوف ، وتقدير الكلام : صبري صبر جميل.