الكبير الذي يوجب عليهم ان يراقبوا كل حركاتهم وسكناتهم ، لانّ «حسنات الأبرار سيئات المقربين».
فإذا كان يعقوب عليهالسلام قد ابتلي بهذا البلاء والهمّ لانّه لم يطلع على حال قلب السائل وآلامه ، فكيف الحال في المجتمعات التي تغرق فيها طائفة بالنعيم والرفاه وطائفة من الناس جياع ، كيف لا يشملهم غضب الله! وكيف يسلمون من عذاب الله!
٢ ـ دعاء يوسف البليغ الجذّاب
ترد في روايات اهل البيت عليهمالسلام وروايات اهل السنة ، ان يوسف حين استقرّ في قعر الجبّ انقطع أمله من كل شيء ، وصرف كلّ توجهه الى ذات الله المقدسة يناجي ربّه ، وكانت لديه حوائج ذكرها بتلقين جبرئيل إياه ... ففي رواية انّه دعا ربّه بهذه المناجاة «اللهم يا مؤنس كل غريب ، ويا صاحب كل وحيد ، يا ملجأ كل خائف ، ويا كاشف كل كربة ، ويا عالم كل نجوى ، ويا منتهى كل شكوى ، ويا حاضر كل ملا ، يا حيّ يا قيّوم ، اسألك ان تقذف رجاءك في قلبي ، حتى لا يكون لي همّ ولا شغل غيرك ، وان تجعل لي من امري فرجا ومخرجا ، انّك على كل شيء قدير».
ومن الطريف انّنا نقرا في ذيل هذه الرواية ، انّ الملائكة سمعت صوت يوسف فنادت : «الهنا نسمع صوتا ودعاء ، الصوت صوت صبي والدعاء دعاء نبيّ» (١).
وهناك نقطة تدعو للالتفات وهي : حين رمى يوسف اخوته في الجبّ خلعوا عنه قميصه وتركوه عاريا ، فنادى : اتركوا لي قميصي ـ على الأقل ـ لاغطي به بدني إذا بقيت حيا ، ويكون كفني إذا متّ. فقال له اخوته : اطلبه من الشمس
__________________
(١) تفسير القرطبي ، ج ٥ ، ص ٣٣٧.