والقمر والكواكب الأحد عشر الذين رايتهم في منامك ، ليكونوا مؤنسيك في هذه البئر ، ويكسوك ويلبسوك ثوبا على بدنك ... فدعا يوسف على اثر اليأس المطلق بالدعاء الآنف الذكر. (١)
وفي رواية عن الامام الصادق عليهالسلام انّه قال : «حين القي يوسف في الجبّ هبط عليه جبرئيل وقال : ما تصنع هنا ايّها الغلام؟ فقال له : ان اخوتي القوني في البئر. فقال له جبرئيل : أتحبّ ان تخرج من البئر؟ قال : ذلك بمشيئة الله ، ان شاء اخرجني.
فقال له : ان الله يأمرك ان تدعو بهذا الدعاء لتخرج من البئر : «اللهم انّي اسألك بأنّ لك الحمد ، لا اله الّا أنت المنّان ، بديع السماوات والأرض ، ذو الجلال والإكرام ، ان تصلي على محمّد وآل محمّد وان تجعل لي ممّا انا فيه فرجا ومخرجا» (٢).
٣ ـ جملة (وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِ) تدلّ على انّهم لم يرموه في البئر ، أنزلوه على مكان يشبه الرصيف لمن يريد النّزول الى سطح الماء ، وقد شدوه بحبل حتى إذا نزل ووصل الى غيابة الجبّ تركوه وحده.
وهناك قسم من الرّوايات التي تفسّر الآيات المتقدمة تؤيد هذا الموضوع.
٤ ـ تسويل النفس
جملة «سوّلت» مشتقّة من «التسويل» ومعناه «التزيين» وقد يأتي بمعنى «الترغيب» وقد يأتي بمعنى «الوسوسة» كما في بعض التفاسير ... جميع هذه المعاني ترجع الى شيء واحد ... اي انّ هوى النفس زيّن لكم هذا العمل.
وهي اشارة الى انّه حين يطغى هوى النفس على الإنسان ويستبدّ به عناده ، فإنه يتصور ان اسوا الجنايات لديه امر حسن ، كما لو كان ذلك قتل الأخ او ابعاده ، وقد يتصور ان ذلك امر مقدّس ... وهذه نافذة على اصل كلي في المسائل
__________________
(١) المصدر السابق ، ص ٤١٦.
(٢) نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٢١٦.