ما المراد من برهان ربّه؟
«البرهان» في الأصل مصدر «بره» ومعناه «صيرورة الشيء ابيضا» ثمّ اطلق هذا اللفظ على كلّ دليل محكم قوي يوجب وضوح المقصود ، فعلى هذا يكون برهان الله الذي نجّى يوسف نوعا من الادلّة الالهيّة الواضحة ، وقد احتمل فيه المفسّرون احتمالات كثيرة ، من جملتها :
١ ـ العلم والايمان والتربية الانسانية والصفات البارزة.
٢ ـ معرفته بحكم تحريم الزنا.
٣ ـ مقام النبوّة وعصمته من الذنب.
٤ ـ نوع من الأمداد الالهي الذي تداركه في هذه اللحظة الحسّاسة بسبب اعماله الصالحة.
٥ ـ هناك رواية يستفاد منها انّه كان في قصر امراة عزيز مصر صنم تعبده ، وفجأة وقعت عيناها عليه ، فكأنّها احسّت بأنّ الصنم ينظر الى حركاتها الخيانيّة بغضب ، فنهضت والقت عليه سترا ، فاهتزّ يوسف لهذا المنظر ، وقال : أنت تستحين من صنم لا يملك عقلا ولا شعورا ولا إحساسا ، فكيف لا استحيي من ربّي الخبير بكلّ شيء ، والذي لا تخفى عليه خافية؟.
فهذا الاحساس منح يوسف قوّة جديدة ، وأعانه على الصراع الشديد في اعماق نفسه بين الغريزة والعقل ، ليتمكّن من التغلّب على أمواج الغريزة في نفسه (١).
وفي الوقت ذاته لا مانع ان تكون جميع هذه المعاني منظورة ، لانّ مفهوم البرهان العام يستوعبها جميعا ، وقد أطلقت آيات القرآن كلمة «البرهان» على كثير من المعاني المتقدّمة.
امّا الرّوايات التي لا سند لها والتي ينقلها بعض المفسّرين ، والتي مؤدّاها انّ
__________________
(١) نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٤٢٢ ، وتفسير القرطبي ، ص ٣٩٨ ، ج ٥.