المفسّرين ، والمشهور انّها سبع سنوات ، الّا انّ بعضهم قال : انّ يوسف بقي في السجن اثنتي عشرة سنة ، خمس قبل رؤيا صاحبي سجنه ، وسبع بعدها ، وكانت سنوات ملأى بالتعب والنصب الّا انّها من جهة الإرشاد كانت سنوات مفعمة بالبركة والخير (١).
٢ ـ حين يصلب المصلحون!
من الطريف انّنا نقرا في هذه القصّة انّ الذي راى في منامه انّه يعصر خمرا ويقدّمه للملك قد تحرّر واطلق من السجن ، وانّ الذي راى انّه يحمل فوق رأسه خبزا تأكل الطير منه قد صعد عود المشنقة.
أليس مفهوم هذا انّ الذين هم على خطى الشّهوات وفي محيط المفسدين وانظمة الطغاة ينالون الحريّة ، وامّا الذين يقدّمون خدمة للمجتمع ويعطون الخبز للناس فليس من حقّهم الحياة! وينبغي ان يموتوا؟ فهذا نسيج المجتمع الذي يحكمه النظام الفاسد .. وهذه نهاية الصالحين في أمثال هذا المجتمع!.
صحيح انّ يوسف ـ اعتمادا على الوحي الالهي وعلم التعبير ـ توقّع ما كان ، ولكنّ ايّ معبّر لا يمكن له ان يبعد عن نظره هذه المناسبات! ففي الحقيقة انّ الخدمة في مثل هذه المجتمعات ذنب عظيم ، والخيانة والاساءة هي الثواب بعينه!.
٣ ـ اكبر دروس الحرّية
رأينا انّ اكبر درس علّمه يوسف للسجناء هو درس التوحيد وعبادة الله الواحد الأحد ، ذلك الدرس الذي حصيلته الحريّة والتحرّر.
لقد كان يعرف انّ الأرباب «المتفرّقين» والمعبودين المختلفين والاهداف
__________________
(١) لزيادة الإيضاح في سنوات سجن يوسف يراجع تفسير المنار ، والقرطبي ، والميزان ، والفخر الرازي.