اوّلا : كلمة «ذلك» التي ذكرت في بداية الآية هي بعنوان ذكر العلّة ، اي علّة الكلام المتقدّم الذي لم يكن سوى كلام امراة العزيز فحسب ، وربط هذا التذييل بكلام يوسف الوارد في الآيات السابقة امر عجيب.
ثانيا : إذا كانت هاتان الآيتان بيانا لكلام يوسف فسيبدو بينهما نوع من التناقض والتضادّ ، فمن جهة يقول : انّي لم اخنه بالغيب ، ومرّة يقول : وما أبرئ نفسي انّ النفس لامّارة بالسوء. وهذا الكلام لا يقوله الّا من يعثر او يزل ولو يسيرا ، في حين انّ يوسف لم يصدر منه اي زلل.
وثالثا : إذا كان مقصوده ان يعرف عزيز مصر انّه بريء فهو من البداية «بعد شهادة الشاهد» عرف الواقع ، ولذلك قال لامراته : (اسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ) وإذا كان مقصوده انّه لم يخن الملك ، فلا علاقة للملك بهذا الأمر ، والتوسّل الى تفسيرهم هذا بحجّة انّ الخيانة لامراة العزيز خيانة للملك الجبّار ، فهو حجّة واهية ـ كما يبدو ـ خاصّة انّ حاشية القصر لا يكترثون بمثل هذه المسائل.
وخلاصة القول : انّ هذا الارتباط في الآيات يدلّ على انّ جميع ما ورد في السياق من كلام امراة العزيز التي انتبهت وتيقّظت واعترفت بهذه الحقائق.
* * *
ملاحظات
١ ـ هذه عاقبة التقوى
رأينا في هذا القسم من قصّة يوسف انّ عدوّته المعاندة «زليخا» اعترفت أخيرا بطهارته ، كما اعترفت بذنبها وخطئها .. وببراءته .. وهذه عاقبة التقوى وطهارة الثوب ، وهذا معنى قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ).
فكن طاهرا واستقم في طريق «الطهارة» فالله حاميك ولا يسمح للملوّثين