ان يسيئوا إليك.
٢ ـ الهزائم التي تكون سببا للتيقّظ
لا تكون الهزائم هزائم دائما ، بل ـ في كثير من الأحيان ـ تعدّ الهزيمة هزيمة في الظاهر الّا انّها في الباطن نوع من الانتصار المعنوي ، وهذه هي الهزائم التي تكون سببا لتيقّظ الإنسان ، وتشقّ حجب الغفلة والغرور عنه ، وتعدّ نقطة انعطاف جديدة في حياته.
فامرأة العزيز التي تدعى «زليخا» او «راعيل» وإن ابتليت في عملها بأشدّ الهزائم ، لكن هذه الهزيمة في مسير الذنب كانت سببا لأنّ تنتبه ويتيقّظ وجدانها النائم ، وان تندم على ما فات من عملها .. والتفتت الى ساحة الله. وما ينقل من قصتها بعد لقائها ليوسف وهو عزيز مصر ـ آنئذ ـ شاهد على هذا المدّعى ، إذ قالت : «الحمد لله الذي جعل العبيد ملوكا بطاعته وجعل الملوك عبيدا بمعصيته». ونقرا في نهاية الحديث انّ يوسف تزوّج منها أخيرا (١).
السعداء هم أولئك الذين يصنعون من الهزائم انتصارا ، ومن سوء الحظّ حظّا حسنا ، ومن اخطائهم طريقا صحيحا للحياة.
وبالطبع فليس ردّ الفعل من قبل جميع الافراد إزاء الهزائم هكذا ... فالأشخاص الضعاف حين تصيبهم الهزيمة ييأسون ويكتنف القنوط جميع وجودهم ، وقد يؤدّي بهم الى الانتحار وهذه هي الهزيمة الحقيقيّة.
لكن الذين يشعرون بكرامتهم وشخصيّتهم ، يسعون لان يجعلوا الهزائم سلّما لصعودهم وترقّيهم وجسرا لانتصارهم.
__________________
(١) سفينة البحار ج ١ ص ٥٥٤.