يرام ، وانا اشهد ان لا اله الّا الله وحده لا شريك له ، وأنت رسوله فأقم على ما وليتك فإنّك لدينا مكين أمين» (١).
٤ ـ مدح النفس
لا شكّ في انّ مدح الإنسان نفسه يعدّ من الأمور القبيحة ، ولكن ليست هذه قاعدة عامّة ، بل قد تقتضي الأمور بأن يقوم الإنسان بعرض نفسه على المجتمع والإعلان عن خبراته وتجاربه ، لكي يتعرّف عليه الناس ويستفيدوا من خبراته ولا يبقى كنزا مستورا.
وقد مرّ علينا في الآيات السابقة انّ يوسف حينما تولّى مسئولية الاشراف على خزائن مصر وصف نفسه بأنّه : (حَفِيظٌ عَلِيمٌ) ، وكان هذا الوصف من يوسف لنفسه ضروريا وذلك حتّى يعرف شعب مصر ومليكها انّه يمتلك الصفات اللازمة التي تؤهله للتصدّي لهذا المنصب.
ومن هنا نقرا في تفسير العياشي نقلا عن الامام الصّادق عليهالسلام انّه حينما سئل عن الحكم الشرعي لمدح الإنسان نفسه؟ أجاب عليهالسلام «نعم إذا اضطرّ اليه ، امّا سمعت قول يوسف اجعلني على خزائن الأرض انّي حفيظ عليم ، وقول العبد الصالح : وانا لكم ناصح أمين» (٢).
ومن هنا يتّضح لنا جليّا فلسفة مدح الامام علي عليهالسلام نفسه في بعض الخطب ، فمثلا يقول في خطبة الشقشقية واصفا نفسه : (... انّ محلي منها محلّ القطب من الرّحى ينحدر عنّي السيل ولا يرقى اليّ الطير ...) فمثل هذه الأوصاف هي في الواقع لأجل إيقاظ الغافلين وإرشادهم الى الاستفادة من هذا المنهل العذب في سبيل الوصول الى سعادة الفرد والمجتمع.
__________________
(١) مجمع البيان ، المجلّد الثّالث ، صفحة ٢٤٤ ، تفسير نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٤٣٥.
(٢) تفسير نور الثّقلين ، ج ٢ ، ص ٤٣٣.