التّهمة على البريء وحده ، بل تشمل الآخرين من قريب او بعيد؟ كما هو الحال في يوسف حيث شمل اتّهامه الاخوة وسبب لهم مشاكل عديدة.
يمكن معرفة الجواب بعد وقوفنا على انّ توجيه هذه التّهمة لبنيامين كان باتّفاق مسبق بينه وبين يوسف ، وكان عارفا بأنّ هدف الخطّة وتوجيه التهمة اليه لأجل بقائه عند يوسف ، امّا بالنسبة للآثار السلبية المترتّبة على الاخوة فإنّ اتّهام بنيامين بالسرقة لم يكن في الواقع اتّهاما مباشرا لإخوته وإنّ سبب لهم بعض التشويش والقلق ولا مانع من ذلك بالنظر الى امتحان مهم.
٣ ـ لماذا اتّهام الجميع بالسرقة؟
مرّ علينا في الآية الشريفة قوله تعالى : (إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) وهذه في الواقع تهمة موجّهة الى الجميع وهي تهمة كاذبة ، فما المسوغ والمجوّز الشرعي لمثل هذا الاتّهام الباطل؟
يمكن الاجابة على هذا السؤال في عدّة نقاط وهي :
اوّلا : انّ قائل هذه الجملة غير معلوم ، حيث ورد في القرآن انّه (قالوا ...) ولعلّ القائلين هم بعض الموظفين من عمّال يوسف والمسؤولين عن حماية خزائن الحبوب ، فهم حينما افتقدوا صواع الملك ، اطمأنّوا بأنّ السارق هو احد افراد القافلة القادمة من كنعان ، فوجّهوا الخطاب إليهم جميعا ، وهذا من الأمور الطبيعيّة ، فحينما يقوم شخص مجهول في ضمن مجموعة معيّنة بعمل ما ، فإنّ الخطاب يوجّه إليهم جميعا ويقال لهم : إنّكم فعلتم هذا العمل ، والمقصود إنّ احد هذا المجموعة او بعضها قد فعل كذا.
ثانيا : الطرف الذي وجّهت اليه التّهمة وهو بنيامين ، كان موافقا على توجيه هذه التهمة له ، لانّ التهمة كانت مقدّمة للخطّة المرسومة والتي كانت تنتهي ببقائه عند أخيه يوسف ، وامّا شمول الاتّهام لجميع الاخوة ودخولهم جميعا في دائرة