٥ ـ السقاية او الصواع
يلاحظ في الآيات السابقة انّ الله سبحانه وتعالى يعبّر عن الكيل تارة ب (الصواع) واخرى ب (السقاية) ، والظاهر انّهما صفتان لشيء واحد ، حيث ورد في بعض المصادر انّ هذا الصاع كان في اوّل الأمر كأسا يسقى به الملك ، ثمّ حينما عمّ القحط والغلاء في مصر وصار الطعام والحبوب يوزّع على الناس حسب الحصص ، استعمل هذا الكأس الثمين لكيل الطعام وتوزيعه ، وذلك إظهارا لاهميّة الحبوب وترغيبا للناس في القناعة وعدم الإسراف في الطعام.
ثمّ انّ المفسّرين ذكروا أوصافا عديدة لهذا الصاع ، حيث قال بعضهم انّها كانت من الفضّة وقال آخرون : انّها كأس ذهبية ، وأضاف آخرون انّ الكأس كان مطعما بالجواهر والأحجار الكريمة ، وقد وردت في بعض الرّوايات الضعيفة إشارة الى هذه الأمور ، لكن ليس لنا دليل قطعي وصريح على صحة كلّ هذه المذكورات ، الّا ما قيل من انّ هذا الصاع كان في يوم من الايّام كأسا يسقى به ملك مصر ، ثمّ صار كيلا للطعام ، ومن البديهي انّه لا بدّ وان يكون لهذا الصاع صبغة رمزية واعتبارية للدلالة على اهمية الطعام وتحريض الناس على عدم الإسراف فيه ، إذ لا يعقل ان يكون الجهاز الذي يوزن به كلّ ما يحتاجه البلد من الطعام والحبوب ، هو مجرّد كأس كان يستعمله الملك في يوم من الايّام.
وأخيرا فقد مرّ علينا خلال البحث انّ يوسف قد اختير مشرفا على خزائن الدولة ، ومن الطبيعي ان يكون الصاع الملكي الثمين في حوزته ، فحينما حكم على بنيامين بالعبودية صار عبدا لمن كان الصاع في يده (اي يوسف) وهذه هي النتيجة التي كان يوسف قد خطّط لها.
* * *