ومنها كنعان ، ومرّة اخرى امر يعقوب أولاده بأن يتّجهوا صوب مصر للحصول على الطعام ، لكنّه هذه المرّة طلب منهم بالدرجة الاولى ان يبحثوا عن يوسف وأخيه بنيامين ، حيث قال لهم : (يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ).
لكن بما انّ أولاد يعقوب كانوا مطمئنين الى هلاك يوسف وعدم بقاءه ، تعجّبوا من توصية أبيهم وتأكيده على ذلك ، لكن يعقوب نهاهم عن اليأس والقنوط ووصّاهم بالاعتماد على الله سبحانه والاتّكال عليه بقوله : (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ) فإنّه القادر على حلّ الصعاب و (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ).
(تحسّس) أصله من (حس) بمعنى البحث عن الشيء المفقود بأحد الحواس ، وهنا بحث بين اللغويين والمفسّرين في الفرق بينه وبين (تجسّس) وقد نقل عن ابن عبّاس انّ التحسّس هو البحث عن الخير ، والتجسّس هو البحث عن الشرّ ، لكن ذهب آخرون الى انّ التحسّس هو السعي في معرفة سيرة الأشخاص والأقوام دون التجسّس الذي هو البحث لمعرفة العيوب.
وهنا رأي ثالث في انّهما متّحدان في المعنى ، الّا انّ ملاحظة الحديث الوارد بقوله : «لا تجسّسوا ولا تحسّسوا» يثبت لنا انّهما مختلفان وانّ ما ذهب اليه ابن عبّاس في الفرق بينهما هو الأوفق بسياق الآيات المذكورة ، ولعلّ المقصود منهما في هذا الحديث الشريف : لا تبحثوا عن امور الناس وقضاياهم سواء كانت شرّا ام خيرا.
قوله تعالى «روح» بمعنى الرحمة والراحة والفرج والخلاص من الشدّة.
يقول الراغب الاصفهاني في مفرداته «الرّوح والرّوح في الأصل واحد