الحسد وغيره من الصفات الرذيلة البعيدة عن الانسانية ، لكن ما أجمل التوبة والعودة الى طريق الصواب حينما ينكشف للإنسان خطأ المسيرة التي سار فيها .. وما احلى تلك اللحظات التي يحاول المذنب ان يطلب العفو ممّن جنى عليه ، ليطهّر به نفسه ويبعدها عن جادّة الخطأ والانحراف ، وهذا ما قام به الاخوة حيث وقعوا نادمين على يد أبيهم يقبّلونها ويطلبون منه العفو والاستغفار (قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ).
امّا يعقوب هذا الرجل العظيم الذي كانت روحه أوسع من المحيطات ، فقد أجابهم دون ان يلومهم على تلك الأفعال التي اقترفوها في حقّه وحقّ أخيهم .. أجابهم بقوله : (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) واملي معقود بأن يغفر الله سبحانه وتعالى ذنوبكم (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
* * *
ملاحظات
١ ـ كيف احسّ يعقوب برائحة قميص يوسف؟!
هذا سؤال اثاره كثير من المفسّرين ، واعتبروه معجزة خارقة للعادة من قبل يعقوب او يوسف. الّا انّه ـ مع الأخذ بنظر الاعتبار سكوت القرآن عن هذا الأمر ـ ولم يتناوله على انّه امر اعجازي او غير اعجازي فمن الهيّن ان نجد له توجيها علميّا ايضا. إذ انّ حقيقة «التليبائي» او انتقال الفكر من النقاط او الأماكن البعيدة تعدّ مسألة علميّة قطعيّة مسلّما بها ... وانّها تحدث عند من تكون لديهم علاقة قريبة تربط بعضهم ببعض ، او تكون لديهم قدرة روحيّة عالية.
ولعلّ كثيرا منّا يواجه مثل هذه المسألة في حياتنا اليوميّة ، وذلك ان يشعر شخص «من أب ، او امّ ، او أخ» مثلا بالكآبة وانقباض النفس دون سبب ، ثمّ لا يمضي وقت ـ او فترة ـ حتّى يبلغه خبر بأنّ أخاه او ولده قد حدث له حادث ما