نعمة الأمن أساس جميع النعم ، والحقّ انّها كذلك ، لانّه متى ذهبت نعمة الأمن ، فإنّ سائر مسائل الرفاه والمواهب المادية والمعنوية يحدق بها الخطر.
ففي جوّ او محيط غير آمن ، ليس بالمقدور اطاعة الله فيه ولا الحياة الحرّة الكريمة ، كما ليس بمقدور الإنسان ان يفكّر تفكيرا مطمئنا هادئا ، ولا السعي والجدّ والجهاد نحو تحقّق الاهداف الاجتماعية ايضا.
وهذه الجملة لعلّها اشارة الى هذه اللطيفة ، وهي انّ يوسف يريد ان يقول : انّ ارض مصر في عهدي وحكومتي ليست هي تلك الأرض في عهد الفراعنة وحكمهم ، فأولئك الظالمون المستكبرون المستثمرون الانانيون ولّوا ومضوا كما مضى ذلك التعذيب والأذى ، فالجوّ جو آمن تماما.
٤ ـ اهميّة مقام العلم :
ومرّة اخرى يعوّل يوسف عليهالسلام في انتهاء عمله وامره على مسألة علم تعبير الرؤيا ، ويجعل هذا العلم البسيط ـ ظاهرا ـ الى جانب تلك الحكومة العظمى ومن دون منازع ، وهذا يكشف عن تأكيده على اهميّة العلم مهما كان بسيطا ، فيقول : (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ).
٥ ـ حسن العاقبة :
قد يتقلّب الإنسان في طول عمره في اشكال مختلفة متعدّدة ، الّا انّ من المسلّم به انّ الصفحات الاخيرة من حياته اهمّ من جميع ما مضى عليه ، لانّ سجل عمره ينتهي بانتهائها ويتعلّق الحكم النهائي ، لذا فإنّ الرجال المؤمنين يطلبون من الله دائما ان تكون هذه الصفحات من العمر مشرقة نيّرة ، وان يختم لهم بالخير.
ونجد يوسف عليهالسلام يطلب من الله ـ هنا ـ هذا الأمر نفسه فيقول : (تَوَفَّنِي مُسْلِماً