على هذه الأفكار ويبعدونها عن أذهانهم ويشع في قلوبهم بصيص الأمل ، ومن ثمّ تتّضح لهم بشائر النصر.
وشاهدهم على هذا التّفسير الآية (٢١٤) سورة البقرة : (... حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ ...).
ولكن مجموعة اخرى من المفسّرين أمثال العلّامة «الطبرسي» في مجمع البيان و «الرّازي» في تفسيره الكبير ، بعد ما ذكروا هذا الاحتمال قالوا ببطلانه لانّه حتّى هذا المقدار من التوهّم ليس من مقام الأنبياء ، وعلى ايّة حال فالأصحّ هو التّفسير الاوّل.
وآخر آية من هذه السورة ذات محتوى شامل وجامع لكلّ الأبحاث التي ذكرناها في هذه السورة ، وهي : (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ).
فهي مرآة يستطيعون من خلالها ان يروا عوامل النصر والهزيمة ، الهناء والحرمان ، السعادة والشقاء ، العزّ والذلّة ، والخلاصة كلّ ما له قيمة في حياة الإنسان وما ليس له قيمة. وهي مرآة لكلّ تجارب المجتمعات السابقة والرّجال العظام. ومرآة نشاهد فيها ذلك العمر القصير للإنسان كيف يطول بمقدار عمر كلّ البشر. ولكن اولي الألباب وذوي البصائر فقط باستطاعتهم ان يشاهدوا العبر في صفحة المرآة العجيبة هذه : (ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ).
فهذه الآيات التي أنزلناها عليك والتي أزاحت الستار عن التأريخ الصحيح للأمم السابقة ليست من العلم البشري الذي يمكن معرفته عن العلماء ، بل انّ الكتب السّماوية السابقة تشهد على ذلك وتصدّقه وتؤيّده وبالاضافة الى ذلك ففي هذه الآيات كلّ ما يحتاجه الإنسان في تأمين سعادته وتكامله : (وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ).
ولهذا السبب فهي (وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) فالظاهر من الآية أعلاه