بنقل المواد الضروريّة اللازمة لخلايا الجسم ـ يتركّب من عشرين مادّة او اكثر ، وبنسب ثابتة دقيقة بحيث لو تمّ اي تغيير فيها لتعرّضت سلامة الإنسان للخطر ، ولهذا السبب ولمعرفة النقص الحاصل في الجسم يقومون بتحليل الدم وقياس نسبة السكر والدهن وسائر مركّبات الدم الاخرى ، ويتمّ تشخيص العلّة بواسطة معرفة زيادة او نقصان هذه النسب ، وليس دم الإنسان وحده له هذه الميزة ، بل كلّ ما في الوجود له نفس هذه الدقّة في النظام.
ولا بدّ هنا من التنبيه على انّ ما يظهر لنا في بعض الأحيان من عدم النظام في عالم الوجود هو في الواقع ناتج من قصور في علومنا ومعرفتنا ، فالإنسان الذي يؤمن بالله لا يمكن ان يتصوّر ذلك ، وبتطوّر العلوم تتأكّد لنا هذه الحقيقة.
وكي نستطيع ان نتعلّم هذا الدرس وهو انّ المجتمع الانساني الذي هو جزء من عالم الوجود إذا أراد له العيش بسلام ، فعليه ان يجعل شعار (كُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) يسود جميع جوانبه ، ويجتنب الإفراط والتفريط في اعماله وتخضع جميع مؤسساته الاجتماعية للحساب والموازين.
٣ ـ الغيب والشهادة سواء عند الله
استندت هذه الآيات الى انّ الغيب والشهادة معلومان عند الله ، فهما مفهومان نسبيان وتستخدمان للكائن الذي علمه ووجوده محدود ، وعلى سبيل المثال نحن نمتلك حواسا ذات مدى نسبي ، فمتى ما كان الشيء داخلا في هذا المدى فهو شاهد بالنسبة لنا ، وما كان خارجا عنه فهو غيب ، فلو فرضنا انّ أبصارنا لها قدرة غير محدودة ويمكنها النفوذ في باطن الأشياء وإدراكها ، فإنّ كلّ شيء يعتبر شاهد عندنا.
وبما انّ كلّ شيء له حدّ محدود غير الذات الالهيّة ، فإنّ لغير الله تعالى غيب وشهادة ، ولانّ ذات الله غير محدودة ووجوده عام ومطلق فإنّ كلّ شيء بالنسبة