والشيء الذي يكمل هذه النعم الكبيرة واللامتناهية (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) فهذه السلامة جاءت بعد ما صبرتم على الشدائد وتحمّلتم المسؤوليات الجسام والمصائب ، ولكم هنا كامل الطمأنينة والامان ، فلا حرب ولا نزاع ، وكلّ شيء يبتسم لكم ، والراحة الخالية من المتاعب ـ هنا ـ معدّة لكم.
* * *
بحوث
١ ـ لماذا ذكر الصبر فقط؟
جملة (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ) تشير الى مسألة الصبر فقط ، في الوقت الذي نرى فيه الآيات السابقة اشارت الى ثمانية صفات لاولي الألباب ، فما هو السرّ في ذلك؟
للاجابة على هذا الاستفهام نورد ما جاء عن الامام علي عليهالسلام في حديث قيّم وذي مغزى كبير ، حيث قال : «انّ الصبر من الايمان كالرأس من الجسد ، ولا خير في جسد لا راس معه ، ولا في ايمان لا صبر معه».
في الحقيقة انّ كلّ الأفعال الحيّة والصفات الحميدة للافراد والمجتمعات تستند الى الصبر والاستقامة ، وبدونها لا يمكن ان نحصل على اي شيء من هذه الصفات ، لانّ في مسيرة عمل الخير عقبات وموانع لا يمكن ان ننتصر عليها الّا بالاستقامة ، فلا الوفاء بالعهد يمكن تنفيذه بدون الصبر والاستقامة ولا الصلات الالهيّة ، ولا الخوف من الله ، ولا اقامة الصلاة ولا الإنفاق يمكن بلوغها بغير الصبر والاستقامة.