الأحزاب ذكرتهم بهذا التعبير ، وهؤلاء في الحقيقة ليس لهم دين ولا مذهب بل كانوا على شكل احزاب وكتل متفرّقة اتّحدوا في مخالفتهم للقرآن والإسلام.
ونقل العلّامة الطبرسي وبعض آخر من المفسّرين الكبار عن ابن عبّاس ، انّ هذه الآية اشارة الى المشركين الذين كانوا يخالفون وصف الله بالرحمن ، واهل الكتاب ـ خصوصا اليهود ـ يفرحون بهذا الوصف «الرحمان» في الآيات القرآنية ، ومشركي مكّة كانوا يسخرون منه بسبب عدم معرفتهم به.
وفي آخر الآية يأمر الله النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ان لا يعتني بهذا وذلك من المخالفين ، بل يدعوه الى الثبات على الخطّ الأصيل والصراط المستقيم حيث يقول تعالى : (قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مَآبِ) وتلك دعوة للموحّدين الصادقين والمؤمنين الرّساليين ان يسلّموا امام الأوامر الالهيّة ، فالرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كان خاضعا لكلّ ما انزل عليه ، فلا يأخذ ما كان يوافق ميله ويترك غيره.
* * *
بحث
الايمان والائتلاف الحزبي :
رأينا في الآية كيف انّ الله سبحانه وتعالى عبّر عن المؤمنين من اليهود والنصارى بأهل الكتاب ، وعبّر عن أولئك التابعين للعصبية والأهواء بالأحزاب ، وهذا غير منحصر في تاريخ صدر الإسلام ، بل انّ هذا التفاوت موجود دائما بين المؤمنين الحقيقيين والذين يدّعون الايمان ، فالمؤمنون الحقيقيون يقولون بالتسليم المطلق لكلّ الأوامر الالهية ، ولا يقولون بالتبعيض ، ويجعلون ميلهم تحت ذاك الشعاع ، فهم اهل لان يسمّيهم القرآن اهل الكتاب والايمان.
بينما أولئك فهم مصداق الآية (نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ) ومعناه كلّ ما