قرانا في هذه القصّة انّ شعيبا دعا قومه بعد التوحيد الى الحق والعدالة في الأمور المالية والتجارية ، وهذا نفسه يدل على انّ المسائل الاقتصادية في المجتمع لا يمكن تجاوزها وتهميشها. كما يدل على انّ الأنبياء لم يؤمروا بالمسائل الاخلاقية فحسب ، بل كانت دعوتهم تشكل «الإصلاح» ... إصلاح الوضع الاجتماعي غير الجيد ، وإصلاح الوضع الاقتصادي كذلك ، حيث كانت هذه الأمور من أهم الأمور ـ عند الأنبياء ـ بعد التوحيد.
كما قرانا في هذه القصّة فإنّ احد العوامل التي دعت الى سقوط هؤلاء في احضان الشقاء انّهم نسوا الحقائق لحقدهم وعدائهم الشخصي ، في حين انّ الإنسان العاقل والواقعي ينبغي ان يتقبل الحق من كل احد حتى ولو كان من عدوّه.
لقد سأل شعيبا قومه (أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا) وان نترك الغش وعدم إيفاء الميزان حقّه. فلعلهم كانوا يتصورون متسائلين : انّ هذه الاذكار والادعية ما عسى ان تؤثر في هذه الأمور؟ على حين انّنا نعرف ان أقوى علاقة ورابطة هي العلاقة الموجودة بين الصلاة وهذه الأمور ، فإذا كانت الصلاة بمعناها الواقعي اي مع حضور الإنسان بجميع وجوده امام الله فإنّ هذا الحضور معراج التكامل وسلّم الصعود في تربية روحه ونفسه ، والمطهّر لصدإ ذنوبه ورين قلبه وهذا الحضور يقوّي ارادته ويجعل عزمه راسخا وينزع عنه غروره وكبرياءه.