٢ ـ ما هو المقصود من جملة (لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ)؟
يعتقد كثير من المفسّرين انّ المقصود الهداية عن طريق النجاة من العقاب الالهي في ذلك العالم ، لانّ هذا الحديث قاله المستكبرون لاتباعهم حينما طلبوا منهم ان يغنوا عنهم قسما من العذاب ، فالسؤال والجواب متناسبان ويوحيان انّ المقصود هو هدايتهم للنجاة من العذاب.
وقد استخدم القرآن هذه الكلمة «الهداية» بخصوص الوصول الى نعم الجنّة ، كما يقول اهل الجنّة : (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ).(١)
وهناك احتمال انّ «قادة الضلالة» حينما يرون أنفسهم امام طلب اتباعهم ، ولكي يتنصّلوا من الذنب ويلقوا باللائمة على الغير ، كما هي طريقة كلّ المستكبرين ـ يقولون بكلّ وقاحة : ماذا نعمل؟ فلو كان الله قد هدانا الى الطريق الصحيح لهديناكم اليه! ومعناه انّنا مجبورون على ذلك وليست لنا ارادة حرّة.
وهذا هو منطق الشيطان بعينه ، او ليس هو القائل (فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ)؟ ولكن يجب ان يعلم المستكبرون انّهم يتحمّلون مسئولية ذنوب اتباعهم شاؤوا ام أبوا ، طبقا لصريح القرآن والرّوايات ، لانّهم المؤسّسون للانحراف والضلال دون ان ينقص اي شيء من عذاب اتباعهم.
٣ ـ أوضح بيان في ذمّ التقليد الأعمى
يتّضح لنا من الآية أعلاه ما يلي :
اوّلا : الأشخاص الذين يضعون زمام أمورهم بيد الآخرين هم ضعفاء الشخصيّة ، وقد عبّر عنهم القرآن الكريم ب (الضُّعَفاءُ).
ثانيا : انّ مصيرهم ومصير قادتهم واحد ، وهؤلاء البؤساء لا يستطيعون حتّى في احلك الظروف ان يستفيدوا من حماية قادتهم المضلّين ، او ان يخفّفوا عنهم
__________________
(١) الأعراف ، ٤٣.