المخلصون الثابتون بالاستناد الى اللطف الالهي يستقيمون كالجبال في مقابل ايّة حادثة. والله تعالى يحفظهم من الزلّات التي تعتريهم في حياتهم. ومن الشياطين الذين يوسوسون لهم زخرف الحياة ليزلّوهم عن الطريق.
وكذلك فالله تعالى يثبّتهم امام القوى الجهنّمية للظالمين القساة ، الذين يسعون لاخضاعهم بأنواع التهديد والوعيد.
ومن الطريف انّ هذا الحفظ والتثبّت الإلهيين يستوعبان كلّ حياتهم في هذه الدنيا وفي الآخرة ، فهنا يثبّتون بالايمان ويبرؤون من الذنوب ، وهناك يخلدون في النعيم المقيم.
ثمّ يشير الى النقطة المقابلة لهم (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ).
قلنا مرارا : انّ الهداية والضلال التي تنسب الى الله عزوجل لا تتحقّقان الّا بأن يرفع الإنسان القدم الاوّل لها ، فالله عزوجل عند ما يسلب المواهب والنعم من العبد او يمنحها له يكون ذلك بسبب استحقاقه او عدم استحقاقه.
ووصف «الظالمين» بعد جملة «يُضِلُّ اللهُ» أفضل قرينة لهذا الموضوع ، يعني ما دام الإنسان غير ملوّث بالظلم لا تسلب الهداية منه ، امّا إذا تلوّث بالظلم وعمّت وجوده الذنوب ، فسوف يخرج من قلبه نور الهداية الالهيّة ، وهذه عين الارادة الحرّة. وبالطبع إذا غيّر مسيره بسرعة فطريق النجاة مفتوح له ، ولكن إذا استحكم الذنب فإنّ طريق العودة يكون صعبا جدّا.
* * *
بحوث
١ ـ هل القصد من الآخرة في الآية هو القبر؟
نقرا في روايات متعدّدة انّ الله يثبت الإنسان على خطّ الايمان عند ما يواجه اسئلة الملائكة في القبر ، وهذا معنى الآية (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ