الدنيا.
ويتّضح الجواب بملاحظة انّ العقاب الاخروي الذي يشمل جميع الظالمين ، ليس له اي تبديل وتغيير ، بينما الجزاء الدنيوي ـ بالاضافة الى انّه غير شامل ـ فهو قابل للتبديل.
ولا بدّ من ذكر هذه النقطة ايضا وهو انّ العقاب الدنيوي ـ كعقاب قوم نوح وفرعون وأمثالهم ـ إذا حلّ بهم سوف تغلق أبواب التوبة كليّا وليس لهم طريق للرجوع والتوبة ، لانّ اغلب المذنبين عند ما يرون العذاب يندمون على ما فعلوا ، وهذا الندم اضطراريوليس له اي قيمة ، ولذلك يجب عليهم ان يتوبوا قبل نزول العذاب (١).
٣ ـ لماذا لا تقبل المهلة؟
نقرا في آيات مختلفة من القرآن الكريم انّ الظالمين والمذنبين في مواقف متعدّدة ، يطلبون الرجوع الى الحياة لتصحيح مسيرتهم ، فبعض هذه المواقف مرتبط بيوم القيامة كما أشرنا في الآية (٢٨) من سورة الانعام ، وبعض آخر مرتبط بساعة الموت كما تشير اليه الآية (٩٩) من سورة المؤمنون (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ) والبعض الآخر يطلب الرجوع عند نزول العذاب المهلك ـ كما في هذه الآية ـ حيث يقول الظالمون عند رؤيتهم للعذاب (رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ) ومن الطريف انّ الجواب في جميع هذه المواقف يكون بالنفي.
ودليله واضح ، لانّ اي واحد من هذه الامنيات لا يمثّل حقيقة واقعيّة ولا جديّة ، ورجاؤهم هذا هو حالة اضطرارية تظهر حتّى عند أسوإ الأشخاص ، وليست حالة دالّة على التغيّر الذاتي والتصميم الواقعي الصادق لتصحيح مسيرة
__________________
(١) للمطالعة اكثر راجع ذيل الآية (١٨) من سورة النساء.