وبما انّ آيات هذه السورة ـ وكذلك جميع الآيات ـ لها جانب الدعوة الى التوحيد وإبلاغ الأحكام الالهيّة الى الناس وإنذارهم ، يقول تعالى في آخر آية من هذه السورة : (هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ).
* * *
بحوث
١ ـ تبديل الأرض غير الأرض والسماوات
قرانا في الآيات أعلاه انّ في يوم القيامة تبدّل الأرض غير هذه الأرض وكذلك السّماوات ، فهل التبديل تبديل ذاتي ، اي ان تفنى هذه الأرض وتخلق مكانها ارض اخرى للقيامة؟ ام المقصود هو تبديل الصفات ، يعني دمار ما في الأرض والسّماوات وخلق ارض وسماوات جديدة على انقاضها؟ حيث تكون النسبة بينهما انّ الثانية أكمل من الاولى.
الظاهر في كثير من الآيات القرآنية أنّها تشير الى المعنى الثاني ، ففي الآية (٢١) من سورة الفجر يقول تعالى : (كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا) وفي الآية الاولى من سورة الزلزال يقول تعالى : (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) وفي الآية (١٥) من سورة الحاقة (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) وقوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً ـ لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً ـ يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) ، (١) وقوله تعالى : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ) وقوله تعالى في سورة الانفطار(إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ وَإِذَا الْكَواكِبُ
__________________
(١) سورة طه ، ١٠٨١٠٥ ـ.