ولكن هذه المسألة ليس هنا مجالها إذ لها قصّة اخرى وحديث طويل.
ثمّ تشرح الآيات حالات السعداء والأشقياء في عبارات موجزة واخّاذة حيث تقول (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) وتضيف حاكية عن حالهم ايضا : (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ).
* * *
ملاحظات
أراد البعض ان يثبت من الآيات المتقدمة ـ كما قلنا آنفا ـ كون السعادة والشقاء ذاتيين ، في حين انّ الآيات المتقدمة لا تدل على هذا الأمر فحسب ، بل تثبت بوضوح كون السعادة والشقاء اكتسابيين ، إذ تقول (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا) او تقول (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا) فلو كان كل من الشقاء والسعادة ذاتيين لكان ينبغي ان يقال «امّا الأشقياء وامّا السعداء» وما أشبه ذلك التعبير ، ومن هنا يتّضح بطلان ما جاء في تفسير الفخر الرازي ممّا مؤداه : «انّ هذه الآيات تحكم من الآن انّ جماعة في القيامة سعداء وجماعة أشقياء ، ومن حكم الله عليه مثل هذا الحكم ويعلم انه في القيامة امّا شقي أو سعيد ، فمحال عليه ان يغير ذلك والّا للزم ـ في الآية ـ ان يكون ما اخبر الله به كذبا ويكون علمه جهلا!! وهذا محال» ... فكل ذلك لا أساس له.
وهذا هو الاشكال المعروف على «علم الله» في مسألة الجبر والاختيار والذي أجيب عليه قديما بأنه : إذا لم نرد تحميل افكارنا وآراؤنا المسبقة على آيات القرآن الكريم ، فإنّ مفاهيمها تبدو واضحة ، انّ هذه الآيات تقول : (يَوْمَ