ينسجم العذاب الدائم مقابل ذنب محدود مع اصل العدل عند الله»؟ فالذي لم تتجاوز مرحلة ظلمه وطغيانه وعناده في أقصى ما يمكن احتماله مائة سنة ، كيف يعذب في النّار عذابا دائما؟ أفلا تقتضي العدالة ان يكون هناك نوع من التعادل؟ فمثلا يعاقب مائة سنة بمقدار اعماله السيئة.
الاجوبة غير المقنعة
انّ تعقيد المسألة كان السبب في توجيه معاني آيات الخلود عند البعض وتفسيرها بما لا يستفاد منه العقاب الدائم الذي هو على خلاف اصل العدالة في عقيدتهم ....
١ ـ ذهب البعض : إنّ المقصود بـ «الخلود» هو المعنى المجازي او الكنائي عنه ، اي مدة وطويلة نسبيّا ، كما يقال مثلا لأولئك الذين يحكم عليهم بالسجن طول عمره «محكوم عليه بالسجن المؤبد» مع انّه من المسلم به لا ابديّة في السجن حيث ينتهي السجن ، مع انتهاء ويقال في العربية ايضا «يخلّد في السجن» وهو مأخوذ من الخلود في هذه الموارد.
٢ ـ وقال آخرون : انّ أمثال هؤلاء الطغاة والمعاندين الذين اكتنفت وجودهم الآثام ، فتحوّل وجودهم الى ماهية الكفر او الإثم ، هؤلاء وان بقوا في نار جهنم دائمين ، الّا انّ جهنّم لا تبقى على حالها ، فسيأتي يوم تنطفي نارها. كأية نار اخرى ، ويعم اهل النّار نوع من الهدوء والراحة.
٣ ـ واحتمل آخرون انّه مع مرور الزمان وبعد معاناة العذاب الطويل ينسجم اهل النّار مع محيطهم ، اي انهم يتطبّعون ويتعوّدون على هذا المحيط شيئا فشيئا حتى تبلغ بهم الحالة الّا يحسوا بالعذاب والشقاء.
وبالطبع فإنّ الداعي الى هذه التوجيهات هو عجزهم وعدم استطاعتهم ان يحلّوا مشكلة خلود العذاب ودوامه ، والّا فإن ظهور آيات الخلود في ديمومة العذاب وبقائه غير قابلة للإنكار.